مع التقدم العلمي والتقني المذهل أصبحت تقنيات تقديم الخدمة الطبية عن بُعد هي الأكثر إغراءً للمستثمرين، وأيضا للراغبين في تقديم خدمة طبية مميزة، تتغلب على العوامل الجيوغرافية، وتخدم جميع المناطق والمدن حول العالم بسلاسة متناهية.

تشير الأرقام العالمية إلى وصول سوق الخدمة الطبية عن بُعد (Telemedicine) إلى 35 مليار دولار أمريكي في 2020، وإلى نمو يصل لـ80 مليار دولار في 2025. وكان لـ«جائحة كورونا» الفضل الأكبر في تنبيه العالم بأهمية التطبيب ومراقبة المرضى وعلاجهم عن بُعد، وأثر ذلك المهم جدا في تقليل التكاليف وجودة الخدمة، بالإضافة إلى وجود عدة عوامل رئيسة سوف تدفع نمو برامج الطب عن بُعد:

1- زيادة حالات الأمراض المزمنة.

2- تزايد أعداد المسنين عالميا.

3- نقص الأطباء وصعوبة توفير التخصصات الدقيقة بكل المدن.

4- ترقية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات.

5- الزيادة المضطردة لنفقات الرعاية الصحية.

محليا.. مع التقدم التقني المذهل بالسعودية، ونجاح برامج تخصصية مثل برنامج العناية المركزة عن بُعد، الذي يدار من قلب المملكة بأكبر غرفة قيادة وتحكم بالعالم، أعتقد أنه حان الأوان للبدء في برامج مثل علاج الجلطات الدماغية والقلبية عن بُعد، ولا ننسى أن أمراض القلب هي السبب الأول للوفيات في العالم. فبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أمراض القلب تتسبب سنويا في وفاة 17 مليونا في العالم، وهو ما يمثل %30 من وفيات العالم، منهم 6 ملايين و200 ألف بسبب الجلطات، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 23 مليونا في 2030.

نعلم صعوبة الوصول إلى مقدم الخدمة الطبية في جميع أرجاء العالم، والوقت الذي يستغرقه المريض في التوجيه المناسب للمراكز الطبية، ومن ثم عمليات الفرز والتشخيص بالطوارئ، ومن ثم تقييمه من المختصين، وبذلك يفقد مرضى الجلطات الدماغية والقلبية «الفترة الذهبية»، التي تصل إلى 120 دقيقة، حتى يأخذ العلاج المناسب، مما تترتب عليه آثار مستقبلية خطيرة على صحة المرضى. لذلك، فإن برامج علاج الجلطات الدماغية والقلبية عن بُعد هي الحل الأمثل لتسهيل وصول المريض وتشخيصه سريعا، ومن ثم تجهيز فريق التدخل لإجراء قسطرة أو إعطاء المسيلات في الوقت المناسب.

كلي يقين أن هذه البرامج سوف تكون حديث الساعة ذات يوم ما، وعلينا الخروج من تعليب «الخدمة الطبية» داخل تابوهات قديمة.

يجب علينا الإيمان بمقولة ريك برينكمان: «إن الأشخاص الذين يعتقدون أن كل شيء ممكن هم القادرون على الاكتشاف والإبداع».