مع أن الجميع يستخدم الرياضيات في الحياة اليومية، بشكل أو بآخر، حتى دون أن يشعر بذلك، إلا أن النظرة الشائعة عن الرياضيات بين معظم الناس، تتلخص في أنها مادة جافة وصعبة الفهم ومملة، وتحتاج إلى عقل ذكي خاص كي يستوعبها، لذلك فقد اقترنت عندهم بشعور قاتم بالإخفـــاق، في الامتحانات المدرسية، وأن الكثير من الطلاب، إما فشلوا فيهـا، وتركوا الدراسة بسببها، أو أنهم اجتازوها بشق الأنفس.

إلا أن الرياضيات تظل هي لغة العِلم.. فمعادلاتها المجردة، ودوالها المركبة، ونماذجها الحسابية تظل الأدوات الأكثر فاعلية، لتفسير نتائج الأبحاث التجريبية، والتنبؤ بالظواهر والمعطيات الجديدة، حيث يظل للأرقام معنى حين يعجز الكلام عن التعبير عن واقع حال الظواهر، وذلك بالانتقال من أساليب التحليل الوصفي إلى اعتماد أساليب التحليل الكمي.

ومن هنا فإن الرياضيات هي أم العلوم الطبيعية، والهندسية، والطبية، والإنسانية جميعا، كونها تدخل في كل مجالاتها البحثية، وإنجازاتها العلمية والتطبيقية. لقد بات استخدام الرياضيات في التحليل الكمي في علم الاقتصاد على سبيل المثال واسعا، وذلك من خلال استخدامها في مادة الاقتصاد الرياضي، والاقتصاد الإحصائي، لقياس المعاملات الفنية، ومعاملات الارتباط بين مختلف الظواهر الاقتصادية.

كما أن الشركات الكبرى باتت في إطار المنافسة الحادة، تطبق أساليب التفكير، والتحليل الرياضي الكمي، في مختلف مجالات الإدارة، والتخزين، والإنتاج لوضع الحلول للمشكلات، وتحليل أسباب التباين في الأداء، ومعالجة نقاط الاختناق، بهدف رفع مستوى كفاءة الأداء، وترشيد الاستخدام، وإقلال التكاليف، وتعظيم الأرباح، للحفاظ على مركزها في السوق، وهكذا أصبحت الرياضيات خلاصة كل العلوم في عالم اليوم، إذا جاز التعبير، حيث الحاجة إلى التحليل الكمي، في حين يقابل هذه الحقيقة، ضعف اهتمام واضح بها في مجتمعاتنا، وبرامجنا التعليمية.