بينما نعيش حياتنا اليومية على كوكب الأرض، ويتقلب الليل والنهار علينا بالشكل الذي تعودنا عليه، تدور آلاف الأقمار الصناعية حول الكوكب، والأقمار الصناعية لم تكن موجودة قبل 70 سنة، الأقمار الصناعية يتم إرسالها إلى الفضاء لأهداف متعددة، ووجود فوائد من إرسال أقمار صناعية لتدور حول الأرض كان متوقع علميًا من قبل إرسال أي منها، ولكن مع توسع الابتكارات وتطور التقنيات يتم اكتشاف فوائد إضافية من إرسال أقمار صناعية بأهداف أخرى بشكل مستمر إلى الآن.

تم إرسال أول قمار صناعي أكمل دورة كاملة على الأقل حول كوكب الأرض في عام 1957، اسمه سبوتنيك 1 (Sputnik 1) وكتلته مقدرة بحوالي 84 كجم، أرسله الاتحاد السوفيتي ليكون بين الارتفاعين 230 كم و940 كم عن سطح الأرض، للمقارنة تطير طائرات الخطوط الجوية على ارتفاع 12 كم تقريبًا. بذلك كان الاتحاد السوفيتي أول من يرسل قمر صناعي إلى الفضاء، وهدفه الرئيسي اختبار إمكانية وجود جهاز إرسال موجات راديو في مدار حول الأرض لاستقبال هذه الموجات من الأرض. كان إرسال القمر الصناعي سبوتنيك 1 نقطة البداية فقط، فبعد هذا النجاح تلاه عبر السنين آلاف الأقمار الصناعية ذات كتل مختلفة، ودارت أو تدور هذه اللحظة حول كوكب الأرض في مدارات مختلفة.

تختلف كتل الأقمار الصناعية ومداراتها على حسب حمولاتها، وتختلف حمولاتها على حسب أهدافها. أهداف إرسال الأقمار الصناعية كثيرة جدًّا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تمكين الاتصالات، تمكين الملاحة، توفير الكثير من الخدمات من خلال رصد الأرض وتصويرها. هناك أقمار صناعية لا تزيد كتلتها عن 2 كجم وهناك أقمار صناعية تصل كتلتها لآلاف الكيلوجرامات. أما بالنسبة لمدارات الأقمار الصناعية، فقد تكون على ارتفاع 200 كم أو أقل أو يزيد ارتفاعها عن 36 ألف كم. نظرًا لذلك، فقد تم تقسيم المدارات حول الأرض من ناحية الارتفاع لتكون مدارات منخفضة، ومتوسطة، وعالية الارتفاع. من أكثر المدارات تميزًا، المدار المتزامن بالنسبة للأرض.

كلما زاد ارتفاع القمر الصناعي عن الأرض كلما قلت السرعة المطلوبة لإبقائه في مدار شبه منتظم حول الكوكب.

فتدور الأقمار الصناعية في المدارات المنخفضة بسرعة أسرع من متوسط سرعة الرصاصة عند اطلاقها؛ بالنسبة لهذه الأقمار الصناعية اليوم أقصر بكثير مما اعتدنا عليه في الأرض، حيث إنها تدور حول الأرض أسرع من دوران الأرض حول نفسها، وبذلك فهي تنتقل بين الجانب المشمس من الأرض والجانب المظلم منها باستمرار على حسب ارتفاعها وميولها عن مستوى خط الاستواء (منتصف الكرة الأرضية أفقيًّا).

استنتج الفيزيائيون من خلال الحسابات أن هناك ارتفاعًا محدد (يقارب الـ 36 ألف كم) تكون فيه السرعة المطلوبة لإبقاء الأقمار الصناعية في مدار شبه منتظم توافق سرعة دوران الأرض حول نفسها، وإذا كان هذا المدار على نفس مستوى خط الاستواء ينتج عن ذلك دوران القمر الصناعي فوق نفس البقعة من كوكب الأرض، مما يعني أنا هذا المدار المميز يجعل القمر الصناعي متزامن وثابت بالنسبة للأرض. اليوم توجد عشرات الأقمار الصناعية في هذا المدار، ومنها ما يستخدم لبث القنوات التليفزيونية. الأقمار الصناعية أصبحت جزء أساسي من حياتنا، فلولاها لما توفرت الكثير من الخدمات التي نستخدمها بشكل يوم مثل الملاحة عبر الأقمار الصناعية ومعرفة حالة الطقس وغيرها الكثير. أينما كنا على كوكب الأرض، تتواجد فوقنا المئات إن لم تكن الآلاف من الأقمار الصناعية، من أسباب صعوبة رؤيتها صغر حجمها وبعدها عن الأرض.

في العام الماضي فقط تم إطلاق أكثر من 1200 قمر صناعي، وفي يوم 20 مارس سيتم إطلاق 38 قمرًا صناعيًّا في آن واحد ومن ضمنهم قمر صناعي سعودي، وسيستمر إطلاق الأقمار الصناعية لخدمة الإنسان أو لأغراض الاستكشاف على مر السنين المقبلة. يتم صرف ملايين وبلايين الدولارات لإرسال هذه الأقمار الصناعية، والكثير منها تطلقه شركات خاصة، وذلك لعظمة عوائدها المثمرة سواء كانت اقتصادية أو استراتيجية.

وأطلقت المملكة العربية السعودية أكثر من 15 قمرًا صناعيًّا، وستستمر جهود المملكة في هذا الأمر بما فيه خير للوطن بإذن الله.