صدمات الإنسان تختلف بقوتها ولونها، ومدي تأثيرها وردة فعل ذلك الإنسان المصدوم. صدمات يمر الإنسان أثناءها بمراحل قاسية ونفس تتألم، صدمات قد تكون نفسية أو اجتماعية أو وظيفية، أو عائلية أو اقتصادية أو عاطفية، أو مالية أو صحية. صدمات قد تأخذ الإنسان لأبعد مدى من الاكتئاب الدائم.

كما هو معروف للصدمة مراحل يمر بها الإنسان المصدوم، وهي مرحلة الصدمة ومن ثم مرحلة الإنكار، تليها مرحلة الغضب، ومن ثم مرحلة فقدان الثقة بالنفس، وفي النهاية مرحلة القبول بالأمر الواقع، وهذه مرحلة لا يختلف عليها اثنان، حمانا الله من الصدمات، قال الله تعالى «قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ».

الحياة ليست كما نتمنى دائما، فهناك صدمات وهناك مصدومون، وهناك صادمون من البشر ومن غيرهم. الحياة ليست كلها رخاء ومسرات وفرحا، هناك الألم والحزن. صدمة مؤلمة حين تكتشف أن من له معزّة في قلبك يتسلى بك، أو عندما تمر بأزمة نفسية لا تجد من يقف إلى جانبك، أو عندما تحتاج العون والمساعدة يتخلون عنك، وعندما تتجرع خبر وفاة إنسان عزيز عليك، أو عندما يصارحك من تحب بأنك لا تعني له شيئاً، أو يُسمعك مديرك في العمل كلاما جارحا، أو حين تسمع كلاما من حولك إنك دخلت مرحلة الزهايمر. إلى كل المصدومين، شعورك بالصدمة دليل على حساسيتك، لكن لا تستسلم وترفع الراية البيضاء، فتدخل عالم الكآبة من أوسع أبوابه، قاوم الصدمة وسوف تصل بإذن الله إلى بر الأمان والطمأنينة.

يقول محمود عباس العقاد «الصدمات نوعان: واحدة تفتح الرأس، وأخرى تفتح العقل» الحياة أقصر من محاولة كسب ود أصحاب الأقنعة، الذين يشعرون بالسعادة حين يصدمونك ويتركونك تعاني من آثار الصدمة، فلا تمنحهم الود بل امنحهم الصد، ودعهم يموتون حين لا يحققون هدفهم. معظم الصدمات على اختلافها مؤلمة وقاسية، تستطيع وبجدارة أن تغرس مخالبها في أرواحنا، ومن الطبيعي البحث عن طرف آخر يلملم جراحها، ويجمع ما تبعثر من أشلائها، لكن المهم أن نتقبّل الصدمة بروح قوية ترفض الانكسار والهزيمة. الصدمات العاطفية من أكثر الآلام النفسية شيوعًا، لأنها قمة المشاعر الإنسانية، التي تجعل مِنا أناسا متفائلين في حياتنا، متصالحين مع أنفسنا.

«ما يؤلمني يجعلني أقوى»، عبارة تقلل من وطأة الصدمات التي نواجهها في رحلة الحياة. ديننا الإسلامي يحثنا على الصبر والاحتساب، عندما يقع الإنسان بصدمة، وهناك أحاديث نبوية كثيرة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الصبر عن الصدمة الأولى».

تقبّل الصدمة والتعايش مع آثارها على اختلافها، لا يعني أنها لم تترك ذكري حزينة، محفورة على جدار ذكريات العقل والقلب وكل الحواس. وتبقي ذكري المصيبة ما دام القلب ينبض بالحياة، وإن تخلل ذلك بعض النسيان المؤقت.

رسالة للمصدومين، ليس من السهل تجاوز الصدمة، لكن من السهل التخفيف من آثارها. حمي الله الجميع من صدمات الحياة.