بالأمس تناولت هنا حالة شاب ثلاثيني يحمل شهادات وخبرات متميزة، تم استبداله في وظيفة كانت معروضة عليه بفتاة في بداية العشرينات من عمرها، لأنه طلب من الرئيس التنفيذي (الأجنبي) الذي قبله في هذه الوظيفة القيادية، أن يوفر له سكنا في إسكان الموظفين أو وسيلة مواصلات على الأقل، لأن الوظيفة ورغم أنها منصب «wooow»، إلا أن مرتبها قليل، سيذهب ثلثه لـ( بنزين السيارة)، لأن دوامه على فترتين و6 أيام في الأسبوع، ولديه أسرة وأطفال ينتظرون منه لقمة عيش، وليس مثل الفتاة التي «لا تفرق معها»، لأنها بلا التزامات مالية، وقد يكون والداها يصرفان عليها ويدفعان ثمن وقود سيارتها وسكنها، وأن الرئيس التنفيذي بتوظيف الفتاة رفع نسبة التوطين لديه، ليظهر وكأنه مكن المرأة، وكيف أن هذا التمكين كان وهميا، وكيف أن صاحبنا من (ذوي الاحتياجات القصوى للتوظيف)، لأن عدم توظيفه رغم قدرته، يعني تشردا لأسرة، بعكس من لا زال حديث تخرج والعمر «قدامه». فهذا المصطلح (ذوو الاحتياجات القصوى للتوظيف)، أليس له أيّة أهمية لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أو صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)؟ كيف يمكن المساواة بين دعم منشأة وظفت شابا ثانويا 18 عاما، وبين خريج أو خريجة ماجستير 30 عاما بمبلغ الدعم نفسه، رغم صعوبة وعدم الرغبة في توظيف الأخير.

أما الموارد البشرية فقد خصصت لها هنا أكثر من 10 مقالات، وكيف أنها ببرامجها (جدارة 1 و 2 و 3 و مسار)، لم تضع في حسبانها عمر المتقدم مع شهاداته وخبراته، والذي تم الحديث عنها مؤخرا، ممثلة ببرنامجها (مسار)، الذي يحذف نقاط أقدمية التخرج في حال حصل المتقدم على مؤهل آخر، وكأن السنين التي أمضاها ما بين فترة حصوله على مؤهله السابق ومؤهله الجديد ذهبت هباء منثورا!.

الحديث الآن عن لجان التوطين بإمارات المناطق والتي تضم عادة أعضاء ممثلين لعدة وزارات وجهات حكومية، والدور المناط بهم في حفاظ كل منطقة على توفير فرص توطين حقيقية لشبابها وفتياتها، تبقيهم داخل مناطقهم وبالقرب من أسرهم، والحد من الهجرة الجماعية للخريجين للمناطق الثلاث الكبرى، والذي سبب عبئا يمكن تفاديه بإنشاء قاعدة بيانات تحليلية، بها نقاط أفضلية أشبه بفكرة (جدارة) لتوفير حل فوري لمشكلة تزايد بطالة (ذوي الاحتياجات القصوى للتوظيف)، ويمكن للجان التوطين البدء بالنقاط التالية:

-1 وضع معايير أولوية للانضمام لقاعدة البيانات هذه (العمر أعلى من الـ 30 عاما، والمؤهل ماجستير ومتزوج أو يعول أسرة أو لديه إعاقة -أولوية قصوى-)، (العمر أعلى من الـ 30 عاما، والمؤهل بكالوريوس ومتزوج أو يعول أسرة أو لديه إعاقة -أولوية وسطى-) وهكذا.

-2 إجبار المؤسسات والشركات الكبرى والمستشفيات الخاصة وغيرها بكل منطقة، على تقديم بيانات لرواتب وجنسيات العاملين بها، للتحقق من أن نسبة التوطين ليست للوظائف الصغرى فقط.

-3 التدقيق في ملفات التوظيف التي تخص أجانب بوظائف متوسطة أو عليا، ومقارنتها مع بيانات المتقدمين على قاعدة البيانات لذوي الحاجة القصوى للتوظيف، ومساءلة من يفضل توظيف الأجنبي على السعودي في حال تساوت المؤهلات والخبرات بينهما عن الأسباب والعمل على حلها.

-4 فرض البدء بتوظيف (ذوي الاحتياجات القصوى للتوظيف)، ومن ثم يمكن معالجة بقية مشاكل البطالة حسب أهميتها وأولويتها.

وأعتقد أنه حان الوقت خصوصا مع قرب إطلاق (المنصة الوطنية الموحدة للتوظيف) بأن نجد قبلها خطوة استباقية لفكرة أشبه بـ (جدارة لذوي الاحتياجات القصوى للتوظيف).