تعتزم وزارة التعليم البدء بتدريس اللغة الإنجليزية للصف الأول الابتدائي بمطلع العام الدراسي القادم 1442-1443هـ، بعد أن كان تدريسها يبدأ من الصف الرابع الابتدائي.

ولعلّ هذا القرار أتى كمحاولة جادة أخرى من قِبل الوزارة لرفع مخرجات تعليم اللغة الإنجليزية المتواضعة في المملكة، والتي ظهرت جلية في الكثير من الدراسات الاستطلاعية والاختبارات الدولية. ففي الأعوام الثلاث الماضية أظهرت نتائج مؤشر EF انخفاضًا ملحوظًا في ترتيب المملكة العربية السعودية في التصنيف العالمي لكفاءة اللغة الإنجليزية EPI، وهذا المستوى غير المرضي والمتدني للغاية لا يتوافق مع سياسة المملكة التعليمية التي تهتم بالتعليم - والذي يتضح من خلال مستوى الإنفاق المرتفع- بشكل عام وبتعليم اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص.

والمقام هنا لا يتسع لذكر هذه التبريرات وما يقابلها من اعتراضات حول تأثير تدريس اللغة الأجنبية في الصفوف الأولية على اكتساب اللغة الأم أو على الهوية أو ما إلى ذلك من الآراء المختلفة. إنما تهدف هذه السطور إلى وضع تصور مقترح لواضعي المناهج لتدريس اللغة الإنجليزية لهذه المرحلة العمرية، وهو مقترح لاستخدام تنظيم المنهج القائم على الوحدات الدراسية.

ويُعد هذا التنظيم هو التنظيم المستخدم حاليا في مناهج مراحل ما قبل المدرسة في المملكة. وكما هو معلوم أن هذا التنظيم يختلف جملة وتفصيلا عن التنظيم الشائع للمواد الدراسية المنفصلة والمعمول به حالياً في التعليم العام بالمملكة.

ففي تنظيم الوحدات الدراسية يكون التدريس عن طريق وضع الطالب في موقف تعليمي متكامل يثير اهتمامه، ويتطلب منه أنشطة متنوعة تتناسب مع مرحلته العمرية وتراعى فيه الفروق الفردية فيما بينهم، ويجعله يمر بعدد من الخبرات التربوية الحقيقية والممثلة لواقع الطالب ولا تنفصل عنه حتى يتسنى له فهم العديد من ميادين المعرفة، ويكتسب جملة من المهارات والعادات والاتجاهات والقيم التي نهدف إليها أثناء تصميم هذه الوحدة. فلو كان الموقف التعليمي يدور حول موضوع الماء لعالجنا هذا العنوان من عدة ميادين معرفية من حيث مصادره واستعمالاته، فوائده وعناصره باستخدام أنشطة مختلفة وخبرات متنوعة، وبذلك نكون قد أزلنا الحواجز بين الجغرافيا والأحياء والكيمياء والتربية الإسلامية وغيرها بصورة أبقى أثراً في ذهن هذا الطالب. فماذا لو دمجنا لهذه المعارف المعرفة اللغوية باللغة الإنجليزية؟!

ألن يكن ارتباطه بهذه اللغة الأجنبية في أقوى أواصره وهو يراها متصلة بخبراته الحياتية وليست في معزل عنها كما هو الحال الآن؟! لقد انطلق هذا التصور نتيجة لما أثبت هذا التنظيم من نجاح في مراحل ما قبل المدرسة لدينا هنا في المملكة. كما أن الاتجاهات الحديثة تُنادي وتدعم مبدأ التكامل المعرفي، وتجنب تقديم الخبرة بصورة منفصلة. كما وأثبتت العديد من الدراسات ذات الصلة بتعلم واكتساب اللغة الأجنبية جدوى استخدام طريقة التدريس للموضوعات الأكاديمية في العلوم أو الدراسات الاجتماعية وغيرها باللغة الأجنبية. فمنها يكتسب الطالب هذه اللغة الأجنبية من خلال تركيزه على المحتوى المعرفي ذي الدلالة وليس بالتركيز على الهيكل اللغوي لهذه اللغة. وربما لا تدعم مناهجنا الحالية هذا التنظيم ولا تقوم عليه فيكون من الصعب أن يتم تبني هذا المقترح والعمل عليه بين عشية وضحاها. لذلك فإنه يمكن تطبيقه بصورة بسيطة ودون أدنى تكلفة - قد تكون أقرب إلى المنهج التكاملي منها للوحدات- إذا ما تعاون جميع المعلمين بتقديم المعرفة بصورة تكاملية شاملة. فلو كانت الخبرة الأساسية هي أعضاء جسم الإنسان، فلا مانع من ربطها بقدرة الخالق وعظيم صنعه، وتعلم الحروف وكذلك الأرقام باللغة الأم، ومروراً بما يقابل هذه الخبرة في اللغة الأجنبية.

وبهذا ندعم التكامل والإيجابية والشمولية والوظيفية لهذه المعرفة، ونزيد من دافعية الطلاب للتعلم واكتساب اللغة ونجعله أكثر اندماجاً في العملية التعليمية.