اكتسبت أجهزة الاستخبارات الروسية سمعة قوية، وشهد نشاطها في السنوات الأخيرة انتعاشًا في أوروبا، وهو اتجاه يُحاط بدعاية إعلامية ليشهد على استخدام التجسس في المعارك الدبلوماسية بين موسكو والغرب.

حيث أعلنت إيطاليا الأسبوع الماضي طرد موظفَين روسيين، بعد اعتقال ضابط في البحرية الإيطالية بالجرم المشهود، وهو يسلم وثائق سرية إلى عسكري روسي.

وطُرد العديد من الدبلوماسيين الروس بتهمة التجسس، في الأشهر الأخيرة من بلغاريا وهولندا والنمسا وفرنسا، وجمهورية التشيك، وفي كل مرة ردت موسكو بالمثل وشجبت اتهامات، وصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة وتنم عن «كراهية لروسيا».

وحاليًا، يتهم الغربيون روسيا بتسميم أليكسي نافالني، بغاز الأعصاب نوفيتشوك. نجا المعارض الأبرز بعد خمسة أشهر من النقاهة في ألمانيا، قبل أن يُسجن عند عودته.

رسائل تحد

ويقول مركز صوفان - وهو مؤسسة فكرية أمريكية - بلهجة ساخرة إن «نوفيتشوك» هي طريقة أثقل من تلك المستخدمة في روسيا، حيث يسقط المعارضون بشكل متكرر من النافذة «لكن موسكو» ترسل رسالة واضحة لمن يجرؤ على تحدي بوتين، وتؤكد من جديد «أنها تشعر بثقة كافية لقتل رموز المعارضة في الخارج».

ويؤكد هذه النقطة داميان فان بويفيلد، خبير الاستخبارات في جامعة جلاسكو أسكتلندا، بقوله: «عندما نستخدم غاز أعصاب مثل نوفيتشوك لاغتيال شخص ما، فذلك لأننا نريد أن يتم نشره على الملأ».

عقلية الحرب

وذكر مؤلف كتاب «لمحة تاريخية عن روسيا» مارك جاليوتي، أن «الاستخبارات الروسية تبنت عقلية الحرب». ويقول: «إنها تعتقد أنها تخوض معركة وجودية من أجل الحفاظ على مكانة روسيا في العالم...».

فالثورة في أوكرانيا كانت في نظر فلاديمير بوتين، عملية نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز أم آي 6 البريطاني.

وهو ما يؤكده أندريه سولداتوف، رئيس تحرير موقع أجنتورا.رو الروسي المتخصص في شؤون الاستخبارات بقوله «إنهم يعتقدون أن أي عمل غربي، مثل انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان أو عمل الصحافيين الأجانب، يمكن أن يؤدي إلى ثورة».

وفي الواقع، تذهب أجهزة الاستخبارات الروسية، إلى ما هو أبعد من مجرد التجسس، وإفساد المسؤولين الأجانب، وهي أعمال تشترك بها كل القوى العظمى. ففي عام 2018، تعرض العميل المزدوج السابق سيرجي سكريبال لمحاولة اغتيال عبر تسميمه في لندن. في العام التالي، قُتل في برلين مقاتل سابق من المتمردين الشيشان، على يد رجل يشتبه في أنه تصرف بناءً على أوامر من موسكو.