اقترب قدوم أفضل الشهور، رمضان، الذي تعودنا أن نفرح بقدومه منذ أن كنا صغارا، وزاد الفرح في قلوبنا عندما نضجنا وعرفنا خيرات هذا الشهر. ففيه يمن الله - سبحانه وتعالى - بجود وكرمه على عباده بمضاعفة الحسنات وإجابة الدعوات، حيث قال رسول الله صلى الله وسلم: «ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ، الإِمَامُ العَادِلُ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ...»، فهيا نحضر دعواتنا، وﻻ نضيع هذه الفرصة المضمونة التي ليست حصرا على أحد، ولا تحتاج لمجهود كبير، وهذه رحمة من رب العالمين.

إن الله يسمي نفسه «الرحمن»، ورحمته وسعت كل شي، لذا عدم استجابة الدعاء ليس من علامات غضب الله على العبد في كثير من الأحوال، بل هو امتحان لإيمانه، وصرفا للشر، وإدخارا للخير له في الآخرة، ففي الحديث الشريف أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ».

فلنمسك بجوامع الأدعية في كل أوقات الاستجابة في الشهر المبارك، كي يؤتينا الله الكريم من خير الدنيا والآخرة مثل «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، و لسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب».

لا ينبغي أن نستغرب إن دعيت بطريقة فلان ولم يستجب الله لك، أدعو ربك بجميع الأدعية مخلصا له، نوع دعائك، ادعوه مرة بأسمائه ومرة بأدعية الرسول - عليه الصلاة والسلام - ومرة بعد الصدقات.

يجب أن نعلم أطفالنا فائدة الدعوات، وأن تأخير الإجابة لا يدل أن الله لا يحبنا، بل لعله سيعوضنا بما هو أكبر من أمانينا.

الدعاء المستمر قد يهون المصاعب، وإن لم تتحقق الآمال فستجد نفسك مرتاح البال على الرغم من أن من حولك في هموم كثيرة بسبب دعائك.

ومهما طالت السنون المريرة، علينا أن ندعو الله بكل أمل، فنبي الله أيوب في عز البلاء دعا دعوة واحدة، فوهبه الله الوهاب أنعما عدة، حيث قال تعالى: «وأيّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ».

جميل أن نتساءل عن تأخير الدعاء، لعلنا مخطئين في حق احد، فنحن لسنا ملائكة، فلنستغفر كثيرا بالانكسار وليس مجرد ترديد باللسان. حتى الإعاقة يخرج منها الإبداع مع كثرة الدعاء، حيث أتذكر في أحد الأعوام كتبت أدعيتي على ورقة ومن جهة أخرى أسماء الله الحسنى، كي أكررها في شهر رمضان، ومرت السنون عليها، وبالصدفة وجدتها ووجدت كثيرا مما فيها قد تحقق.

أحمد ربي على استجابته لدعواتي وعلى أنعمه الكثيرة عليّ، التي هونت عليّ إعاقتي، وبدأت لا أشعر بها.