رسم رئيس جمعية علوم العمران في فرع الأحساء المهندس عبدالله الشايب، خارطة طريق لتنشيط البيئة التاريخية لحي «الفريج الشمالي» في مدينة الهفوف التاريخية، أو كما يسميه البعض «الرفعة الشمالية»، وتحسين جودة الحياة، وأنسنته كحي تاريخي عريق، يحمل عددا من معالم التراث والموروث الشعبي، وربطه بالمقومات والمفردات السياحية الموجودة في مدينة الهفوف.

واشتملت خارطة التنشيط والتطوير على 9 مبادرات، تتضمن تحويل أجزاء من الفريج، ـ عبر وضع سياسات تنموية ـ إلى موئل لصناعات مختلفة عبر أماكن لبيع القطع التذكارية والهدايا والبوفيهات والاستراحات المختلفة، وتحويل بعض المنازل إلى نزل تراثية لاستضافة الأسر، ودعوة أمانة الأحساء بزيادة العناية من أجل الاستفادة من مقومات الصناعات الحرفية وبعثها من جديد، وتحفيز الشركات السياحية ووزارة السياحة وإدراج الحي ضمن المسارات السياحية والتاريخية في الأحساء، والاستفادة منه كمكون بيئي من خلال ممارسة المشي داخل السكك، وتشجير بعض المساحات والمباني في الفريج، وتنمية الأفكار التطويرية «عمليا» بتنمية الوعي لدى الإنسان في هذه الجوانب، وتشكيل مجموعة تطوعية وتسجيلها كجمعية ضمن مؤسسات المجتمع المدني، وتخصيص صندوق لتحسين البيئة، والتواصل مع الجهات الحكومية لرفع المقترحات، وعمل أنشطة وإعادة الأنشطة السابقة في الفريج أو إضافة أنشطة جديدة، لا سيما وأن الأحساء ضمن المجتمعات الإبداعية في اليونيسكو، وذلك سيسهم في استمرارية الوهج في الفريج، حتى يكون مثالا يحتذى به في المستقبل.

مجموعة سكك أخطبوطية

أشار الشايب لـ«الوطن»، إلى أن الفريج الشمالي، هو الجزء الشمالي من حي الرفعة الشمالية، وذو كثافة سكانية عالية، ويقع على «تلة» مرتفعة، وفيه كثير من المنحدرات، ومن ضمنها سكة «الدربحانة»، وارتبط بمدينة الهفوف في أواخر القرن التاسع الهجري بعدما كان، وكذلك حي الرقيات «المجاور له»، يمثلان قرية واحدة من قرى واحة الأحساء الزراعية، موضحاً أن الفريج، يمثل بيئة حضرية للعمارة الأحسائية الإسلامية، ويستجيب لكافة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والدفاعية، وأن الفريج عبارة عن مجموعة من «السكك» موزعة كالأخطبوط في كافة الاتجاهات.

حراك اقتصادي قديم

أبان أن الفريج، يمثل جزءا كبيرا من الحراك الاقتصادي في مدينة الهفوف، الذي يمثل اقتصادات شرق الجزيرة العربية بكاملها «إقليم الأحساء»، ومنتجات الفريج المختلفة تصل إلى مجتمعات الخليج بصفة عامة ووسط الجزيرة العربية، ومن بين هذه المنتجات الخزف (يضم سكة كاملة لحرفة الخزف تعرف محليا بسكة أبو قحف)، وكذلك حياكة الأقمشة بصفة عامة، إذ لم تقتصر على حياكة قماش «البشوت»، وإنما امتدت إلى حياكة أقمشة الملابس والغتر واللحف، علاوة على صناعة الأقفاص من سعف وجريد النخل، وتشمل كثيرا من المنتجات المختلفة منها: أقفاص الرطب، وأسرة الأطفال «منز».

كنوز ومقتنيات

قال الشايب إن «الفريج لا يزال ينبض بالحياة بسكانه الذين يقومون بإنعاشه عن طريق التعاون مع المؤسسات المعنية كأمانة الأحساء، إذ تم أخيرا رصفه بـ«البلوك»، وهو ما أكسبه جمالا، وأن الفريج يمثل استرجاعا لأثر التاريخ والموروث في الأحساء، ومسؤولية كبرى في إطلاع الجميع على الكنوز والمقتنيات البيئية، وضرورة إثارة الحراك المتعلق بالتنشيط والعناية بهذه البيئة التاريخية القديمة، والتأكيد على الاستفادة منه سياحيا، واستقبال الزائرين والسائحين على مدار العام، خاصة أن الأحساء موقع تراث عالمي في اليونيسكو، علاوة على ارتباطه بمواقع تاريخية أخرى مجاورة، من بينها: أسواق الخميس والتمور والأسماك، النجاجير، وشارع الخبازين «شارع المدير»، الذي يضم أيضا كثيرا من الكنوز، والورش المختلفة التي تقوم بأعمال النجارة التقليدية والحديثة في الوقت الحاضر، إضافة إلى شارع السوق العام، الذي يقع عليه سوق القيصرية وقصر إبراهيم التاريخي، وبقية الأبنية والمفردات العمرانية، مما يجعله مؤهلا أن يكون ضمن سياقات السياحة، ليعيش السائحون تجربة المدينة والبيئة التاريخيتين.

الأسقف من جذوع النخيل

بدوره، أبان يوسف المصرندة «المهتم بالموروث الشعبي، أحد سكان الحي، والذي أشرف على مبانٍ تاريخية في الأحساء والدرعية وسوق القيصرية التاريخي»، أنه عمل في بناء مجموعة من المنازل قديما بالطين والحصى، والأسقف من جذوع النخيل، قبل دخول الأسمنت والطابوق في بناء المنازل، وكان عنصر القوة المادية والقدرة المالية هو المبدأ الأساسي في تصميم وبناء المنزل، موضحا أن للفريج قديما 3 مداخل، وهي: دروازة الخميس، ودروازة الخباز، ودروازة المنحدرة، وأن الفريج مسوّر بحائط عرضه 6 أمتار في الأسفل، وفي الأعلى عرضه 4.5 أمتار، مسترجعا ذكريات تجمع البنائين في الأحساء في أطراف دروازة الكوت.

مدرسة للكتابة

أوضح الباحث سلمان الحجي، أن فريج الشمالي، لشهرته في البناء التراثي، فيه 30 أستاذا في البناء القديم لهم شهرتهم الواسعة داخل الأحساء وخارجها، وأن الفريج اكتسب صفة العالمية في حرفتي الحياكة والفخار، وفيه مدرسة للكتابة، اشتهر العاملون فيها بصياغة وكتابة الخطابات والعقود، مشددا على أن سكان الفريج، متعاونون، والكل يساعد الآخر في البناء والزراعة، وبينهم تكافل اجتماعي وتزاور، ومساعدة المحتاجين، وتعاون كبير في تنفيذ «سباطات» وهي عبارة عن غرف إضافية تعلو السكة وملاصقة لجدار الجار المقابل، مع الحفاظ على حقوق الجيران فيما بينهم.

أحد أقدم المساجد

أكد المؤرخ حسين الرمضان، أن الفريج يضم أحد أقدم المساجد في الأحساء القائمة حاليا، ويقع تحديدا في حارة «الصرافة»، ويسمى بمسجد «العدساني» نسبة إلى الشيخ حسين العدساني الذي كان واليا على المسجد.

أوضح حسين العمر، وعون الخلوف، أن شباب الفريج، كانت لهم مبادرات من بينها التشجير، وإضافة بعض الألعاب للأطفال في الأعياد والمناسبات العامة، ورفع مستوى النظافة، وإحياء بعض الأنشطة والفعاليات، حتى بات الفريج مثالا يحتذى فيه في الأحساء.

وكان وفد برئاسة مدير جمعية علوم العمران في الأحساء المهندس عبدالله الشايب، ومجموعة من الباحثين في التراث والمورث والمؤرخين في الأحساء، من بينهم: سلمان الحجي، يوسف المصرندة، سعيد الفهيد، سامي العلي، تجولوا في الفريج، ورصدوا بعض المعالم التراثية والتاريخية، والهندسة المعمارية، والموروث الشعبي والتاريخي للفريج الذي يمتد عمره لأكثر من 500 عام مضت.

مبادرات تطوير الفريج

ـ تحويل أجزاء منه إلى موئل لصناعات مختلفة

ـ تحويل بعض المنازل إلى نزل تراثية لاستضافة الأسر

ـ دعوة أمانة الأحساء للاستفادة من مقومات الصناعات الحرفية

ـ تحفيز الشركات السياحية ووزارة السياحة وإدراج الحي ضمن المسارات السياحية والتاريخية

ـ الاستفادة منه كمكون بيئي من خلال ممارسة المشي داخل السكك

ـ تشجير بعض المساحات والمباني في الفريج

ـ تنمية الأفكار التطويرية «عمليا» بتنمية الوعي لدى الإنسان

ـ تشكيل مجموعة تطوعية وتسجيلها كجمعية ضمن مؤسسات المجتمع المدني

ـ تخصيص صندوق لتحسين البيئة

ـ التواصل مع الجهات الحكومية لرفع المقترحات

ـ عمل أنشطة وإعادة الأنشطة السابقة في الفريج