يظن البعض أن بيدهم أن يغيروا أقدار الله، ويعتقدون ببعض أفعالهم أن بمقدورهم سحق الآخرين، أملا في البقاء.

يظهر ذلك من خلال حرصهم على صناعة الأذى وإلحاق الضرر بالآخرين، إذ يضعون لأنفسهم العديد من المبررات لتنفيذ مآربهم والوصول إلى مقاصدهم، ويختلقون الأكاذيب والترهات، ويتوافقون وآخرون على شاكلتهم وطباعهم نفسها من شياطين الإنس، وينسى أولئك أن كيدهم ضعيف، وأن الله مطلع عليهم، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

يخططون لرسم النهاية لآخرين وهم لا يعلمون أن تخطيطهم لأنفسهم، فلن يلبثوا طويلا حتى يحق الله الحق وينزل عدله ويذيق كل ظالم مكره وكيده، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

تلك سنة الله التي لن تجد لها تبديلا، وليس عليهم إلا انتظار عقوبتهم مهما ظنوا أنهم في مأمن. ولا يعتبر أولئك المجرمون ولا ينتهون عما هم عليه إلا قليلا منهم، فقد ألِفت أنفسهم أذى الناس، وبات ذلك الصنيع يجري في دمائهم، فإن اجتنبوه فقدوا لذة الحياة، وإن تركوه شعروا بالنقص والفقد، فهم لا يغالبون أنفسهم للتغيير، ولا يسعون للعلاج والشفاء، فرحين بسوءاتهم، ومنشرحين بشرهم وضرهم للخلق، ويحسبون أنهم على شيء، ومن المؤسف أنهم يرون عيبهم ذاك ميزة وفضيلة وقوة، فماذا بعد الحق إلا الضلال، وإن هذا لعمري لهو عمى القلوب.

وما أصعب أن يرتبط اسم الإنسان بالسوء والشر والكذب والأذى، ويكون الارتباط صادقا حين يجمع الناس على ذلك تجاه شخص معين، فالناس شهود الله في أرضه، وكيف لا يخشى أولئك الظالمون دعوات المظلومين أن تصيبهم فيصبحوا بعدها نادمين، أو لا يعلمون أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، فهل يظنون أن قوتهم أمام الناس ستصمد أمام الله، فإن كان كذلك فبئس ما يظنون.

ويبقى الدَّين واجب السداد، وما يقدمه الإنسان سوف يحصده، إن كان خيرا فخيرا وإن كان شرا فشرا، ولا يظلم ربك أحدا، ولكن الناس أنفسهم يظلمون.