الفلكيون - قواهم الله - قالوا إن المتمم لهذا الشهر الفضيل هو يوم غد الإثنين، وأن أول الشهر المبارك سيكون الثلاثاء، وفي كل الأحوال نسأل الله جل في علاه، أن يبلغنا إياه، ويعيننا فيه على ما يحبه ويرتضيه، ويرحم برحمته من لم يدرك هذا الشهر، ممن رحل عنا من أصحاب الحقوق علينا، والناس أجمعين.

سئل سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى - يوما سؤالا نصه: «أنا مؤمن والحمد لله، وقد أديت مناسك الحج والعمرة، ومع ذلك لا أشعر بحلاوة الإيمان، فبماذا تنصحونني؟»، فكان جوابه السديد: «ننصحك باستعمال ما شرع الله جل وعلا من الحرص على الطاعات، وقراءة القرآن الكريم، والإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى، فإن هذا من أسباب ذوق المحبة، وذوق حلاوة الإيمان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار» ـ ويضيف الشيخ ـ فالصدق في محبة الله ورسوله، والإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومحبة إخوانه في الله، وكراهة الكفر بالله، من أسباب ذوق طعم الإيمان، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولا»، ويقول في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «من أحب في الله وأبغض في الله، وأعطى لله ومنع لله، وجد حلاوة الإيمان»، أو قال: «ذاق طعم الإيمان» ـ وزاد الشيخ ـ فالمقصود أن الإكثار من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، والاستقامة على طاعة الله ورسوله، ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن تحب إخوانك في الله، وأن تكره الكفر وسائر المعاصي كل هذا من أسباب تذوق طعم الإيمان، ووجود حلاوة الإيمان في قلبك وأنسك بطاعة الله ورسوله وتلذذك بذلك بسبب صدقك في طاعة الله ومحبة الله».

شهر رمضان المبارك، من أجل أسباب الشعور بحلاوة الطاعات، والحلاوة واللذة هنا حقيقة معنوية يجعلها الله في قلوب من يحب من عباده المحافظين على ما تقدم ذكره، وعلى غيره من القربات، وهذه اللذة الروحية متاحة لكل إنسان، وخصوصا من نوى أن يكون رمضانه مميزا ومختلفا؛ رمضان خاليا من الغيبة ومن النميمة ومن إيذاء الناس، ورمضان متوج بالسكينة وبالوقار، ورمضان مميز عن غيره من الرمضانات السالفة؛ كما ألمح إلى ذلك سيدنا جابر بن عبدالله، رضي الله عنهما: «لا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء»، وهي نصيحة من جنس تنبيهين نبويين خالدين هما: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، و «رُب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر»؛ اللهم أذقنا برد عفوك، وحلاوة رحمتك يا أكرم الأكرمين.