تعد جريمة التهرب الضريبي، واحدة من الجرائم المرتبطة بغسل الأموال، فالمتحصلات المالية من التهرب الضريبي، تتحول إلى مال غير مبرر ويحتاج لعملية وسيطة، من أجل إعادته للنظام المالي بسبب مشروع.

وقد ذكر نظام الضريبة المضافة في المملكة العربية السعودية، في المادة «39» التهرب الضريبي و عرفه بأنه «تقديم مستندات أو إقرارات أو سجلات، أو معلومات غير صحيحة، أو مزورة أو مصطنعة، بقصد التهرب من تأدية الضريبة المستحقة أو تخفيض قيمتها أو استردادها دون وجه حق».

كما أشار النظام في عدد من مواده، إلى الغرامات المالية على جريمة التهرب الضريبي، وتتدرج الغرامة حسب جسامة المخالفة، إلا أن النظام لم يعتبر التهرب الضريبي جريمة تستحق عقوبة ماسة بالحرية، كما هو الحال في جرائم غسل الأموال. والواقع أن كثيرأ من القوانين في العالم، تنص على عقوبات ماسة بالحريات لجريمة التهرب الضريبي، لوجود جانب جنائي يستحق عقوبة يتحقق معها الردع العام.

والملاحظ أن التهرب الضريبي يقع في مبالغ متفاوتة، تتراوح من مبالغ مالية صغيرة إلى مبالغ كبيرة قد تصل إلى الملايين.

كما تتنوع أساليب المتهربين وطرقهم، فنجد على سبيل المثال أن بعض المحلات التجارية تغري الزبون، بالإعفاء من ضريبة القيمة المضافة في حال الدفع نقدا، إذ أنه في بعض السلع التي يصعب تتبعها يسهل الدفع النقدي، تغيير الحسابات وتوثيق دخل أقل من الدخل الفعلي. ويلاحظ أن الزبون في مثل هذه الحالات لا يدرك غالبا أنه يشارك في مخالفة قانونية.

إن ملاحقة جريمة التهرب الضريبي تحتاج للعمل على عدة أمور، تبدأ بتعديل العقوبات لتشمل عقوبة ماسة بالحرية، تترتب على الجانب الجنائي، مما يتيح للنيابة العامة تحريك الدعاوى الجزائية ضد المتهربين.

كما أنه من الضروري إلزام جميع الممارسين للأنشطة التجارية، باعتماد أكواد «أرقام تسلسلية» يمكن ربطها إلكترونيا، بحيث يتم تسجيل المنتج عند بيعه في قواعد البيانات لدى الجهات المختصة، فإذا لم ينعكس مبلغ الضريبة للقيمة المضافة بشكل منطقي على الدخل، فإنه يسهل متابعة الأمر، والتحقق مباشرة من الوضع القانوني للمنشأة التجارية، ويشمل ذلك المطاعم والمقاهي، ومحلات الخياطة على سبيل المثال.

كما أنه من المهم جدا تعزيز الثقافة، والوعي القانوني لدى الناس، عبر وسائل الإعلام والقنوات التعليمية، ليكونوا شركاء فاعلين في مكافحة الجريمة، التي قد تمرر من خلالهم دون علمهم.

ومن ناحية أخرى فإنه من المهم الاستثمار في مجال تطوير الأساليب القانونية الجنائية، وتكثيف الأبحاث والدراسات في هذا المجال، ودعم تأهيل الكوادر ليكونوا أكثر فاعلية وقدرة على محاصرة الجريمة وردع المجرمين.