يعرف الجميع أن الميليشيا الإيرانية الحوثية بنيت وتأسست على الحروب، ومنذ حربها الأولى ضد الدولة اتخذت من الحرب وسيلة لتقوية نفسها، وأصبحت الحرب بالنسبة لها مصدر نفوذ وعاملا رئيسيا أسهم إلى حد كبير في تلميعها سياسيا وعسكريا وإعلاميا، وعبرت من خلال الحرب إلى حيث تريد من تحقيق مطالبها وأهدافها على الأرض.

العامل الذي ترك الطريق مفتوحا أمام هذه الميليشيا هو ضعف الدولة، وعدم وجود قوتها الرادعة، فوجدت الميليشيا الطريق مفروشا لها بالورود، خاصة في عهد النظام السابق الذي أسهم في ذلك بترك الحبل على الغارب لها.

واليوم، وبعد تزايد خطر الميليشيا الحوثية، لم يعد هناك أي حل مجد معها غير الحسم العسكري، فأي حل غيره سيكون انتصارا لها، فبعد مرور أكثر من 6 سنوات على انقلابها ضد الشرعية، وسيطرتها على الدولة بقوة السلاح، وخوضها حربا بشعة ضد الشعب والوطن، لا يناسب ولا يوافق أبدا الوصول معها إلى حل سياسي، لأن الحل السياسي، بحسب خبراء، يعد انتصارا لها، ويعطيها صلاحية في البقاء، ويكسبها الشرعنة والاستمرار في إرهابها ومخاطرها على الشعب والوطن، وعلى الدول المجاورة. طالبنا كثيرا بضرورة الحسم العسكري ضد الميليشيا الإيرانية في اليمن، ولكن للأسف مطالبنا لم تجد لها أذانا مصغية، فالحسم العسكري أصبح ضرورة ملحة ومهمة.

ولا بد من ذكر نقطة مهمة وهي أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، التي قامت ضد الحكم الإمامي الغاشم في 1962، نجحت في القضاء على الإمامة عسكريا، ولكنها لم تنجح في استكمال نجاحها ضد موروثهم الفكري والعقائدي، فاستغلوا هذا الضعف وهذا الفراغ وظلوا يرتبون صفوفهم سريا، ويعملون على التغلغل في السيطرة، والوجود في أهم المناصب القيادية داخل الدولة، فظلت مخلفات الإمامة تنحت داخل الدولة وتبني نفسها إلى أن تغلغلت في كل مرافق الدولة والحكومة المهمة وداخل أجهزة الجيش والأمن، مما مهد لها - سريا - التهيئة لقيادة انقلاب ضد الجمهورية، وهو ما جعل الطريق مفتوحا أمام حسين الحوثي لبناء وتأسيس ما يسمى «الشباب المؤمن»، ومن ثم القيام بالتمرد ضد الدولة بحرب ضدها، حيث استغل ضعف الدولة وتواطؤ بعض قياداتها معه، وكان يرى هو ومن معه أنهم هم أصحاب الحق الإلهي في الحكم، فلو نجحت ثورة سبتمبر المجيدة بالقضاء على الإماميين فكريا، وقضت على مخلفاتهم لما وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم، من تمردهم وانقلابهم ضد الشعب والوطن، لذلك فنحن بحاجة للحسم العسكري الشامل الكامل ضد الحوثيين، واجتثاث مخلفاتهم الفكرية والعقائدية الخبيثة، وقطعها وبترها من عروقها وجذورها، وتخليص الأمة من خطرها ومكرها وإجرامها وإرهابها.

أيضا من أهم الأسباب التي أدت وسهلت للحوثيين السيطرة على الدولة بسهولة الاختراق الإمامي للصف الجمهوري بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، حيث تحول الإماميون من إماميي أبو دقلة وعمامة إلى إماميين جمهوريين ببدلة و كرفتة، وظلت الإمامة تحكمنا باسم الجمهورية، وظلت العبودية موجودة، وظل الفقر والجهل والمرض مخيما في أوساط اليمنيين من عهد الإمامة الأولى، إمامة آل حميد الدين، إلى عهد الإمامة الثانية، إمامة آل بدر الدين الحوثي، وظل الشعب يشكو من ممارسة الإمامة نفسها الظلم والاستبداد، وأجرة العسكري، وانتشار الأمية وارتفاع نسبتها، وتفشي الفقر وانتشار الأمراض من عهد إمامة آل حميد الدين، مرورا بعهد الإمامة الجمهوري في عهد النظام السابق، ووصولا إلى الإمامة الحالية للحوثيين المسيطرين على الشعب والدولة بقوة السلاح وبالغصب والانقلاب.

الحل هو الحسم العسكري وبناء نظام جمهوري قوي، ليست فيه أي مخلفات للإمامة، ومن وجهة نظري أرى أن لم تتكاتف كل القوى الجمهورية داخل الشرعية، وتجعل كل همها كيفية القضاء على الحوثيين، وتطهير صف الشرعية من الاختراق الحوثي لها، وإن لم توجد النية الصادقة، فإن الحوثي سيلتهم الجميع ويرمي بهم كلهم إلى الهاوية. أصبح الخطر محدقا، وبكل أسف أقول إننا أصبحنا مشغولين بمحاربة ومضايقة بعضنا البعض أكثر من محاربتنا الحوثيين، فهناك أياد داخل الشرعية تعمل لمصلحة الحوثيين، وتحارب وبكل ما أوتيت من قوة إلى جانبهم، ولها بصمات في هذا المجال. هناك أشخاص مقاومون للحوثيين من الحرب الأولى منذ عهد الصريع حسين الحوثي، لكن تقوم الأيادي المندسة بمحاربتهم ومضايقتهم وحرمانهم من حقوقهم، لتجد هؤلاء المناضلين يموتون ألما ومعاناة داخل مناطق الشرعية، ويموتون قهرا من محاربة اللوبي الحوثي المندس بينهم ومن تحريضاته ضدهم. هذه الممارسات الخبيثة تعد سببا مهما من أسباب تأخر الحسم العسكري ضد الحوثيين.

لقد حصل خطأ داخل الشرعية، وتحول خطير في مسار الحرب، فبدلا من التركيز على خوض الحرب ضد الحوثيين، تحولت بشكل مفاجئ إلي محاربة مقاومي الحوثيين والهاربين والمشردين منهم، فالمقاوم للحوثي، الذي لم يتمكن منه الحوثي، أوعز الحوثي إلي أياديه المندسة في الشرعية بمحاربته ومضايقته والتحريض ضده، لذلك فاللوبي الحوثي المخترق الشرعية يحارب إلي جانب الحوثيين، وما تأخر الحسم العسكري ضد الحوثيين إلي يومنا هذا إلا شاهد عيان على ذلك. فتشوا في ضمائركم، واصدقوا النية في حربكم ضد الحوثيين، وتدارسوا الأسباب وعالجوها.

لماذا تراجعنا من نقيل بن غيلان إلي نقيل بن كعلان؟!. لا تصمت ولا تكن أمعة. إن رأيت زميلا لك يقاوم الحوثيين، تحاربه الأيادي المندسة للحوثيين، ويعاني الألم والمرارة والقهر والحرمان، والتحريض النسواني ضده من الخلف، ويحرم من حقوقه، فلن ننتصر ولن ننتصر إن لم ننصر بعضنا البعض، ونزيل المظالم من أوساطنا، ونرفعها من على ظهور مناضلين ماتوا قهرا وألما بيننا.

تلك وصمة خزي في جبين كل منتسبي الشرعية، والجيش الوطني يعلم بوجود مقاومين مظاليم بينهم، ولا يبادر إلي رفع الظلم من عليهم.