مسلم يحتال على قريش

أسلم الحجاج بن علاط السلمي، ولم تعلم قريش بإسلامه؛ فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر في أن يصير إلى مكة، فيأخذ ما كان له من مال - وكانت له أموال متفرقة هناك، وهو رجل غريب بينهم - فأذن له النبي، فقال: یا رسول الله؛ إني أحتاج أن أقول. قال: فقل؛ فصار إلى مكة.

فقالت قريش: هذا لعمر الله عنده الخبر. قال: فقولوا. فقالوا: بلغنا أن القاطع قد خرج إلى أهل خيبر.

قال الحجاج: نعم! فقتلوا أصحابه قتلا لم يسمع بمثله، وأخذوه أسيرا، وقالوا: نرى أن نكارم به قريشا؛ فندفعه إليهم؛ فلا تزال لنا هذه اليد في رقابهم، وإنما بادرت لجمع مالي؛ لعلي أصيب به من فَلّ محمد وأصحابه قبل أن يسبقني إليه التجار، ويتصل بينهم الحديث. فاجتهدوا في أن جمعوا إليه ماله أسرع جمع، وسروا أكثر السرور، وقالوا بلا رغم! وأتاه العباس بن عبد المطلب وهو كالمرأة الواله، فقال: ويحك يا حجاج! ما تقول؟ فقال: أكاتم على خبري؟ فقال: إي والله، فقال: فالبث على شيئا حتى يخف موضعي. ثم سار إليه، فقال له: الخبر والله على خلاف ما قلت لهم ؛ خلفت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد فتح خيبر، وخلفته والله معرسا بابنة ملكهم، وما جئتك إلا مسلما؛ فاطو الخبر ثلاثا، حتى أعجز القوم، ثم أشعه، فإنه والله الحق.

فقال العباس: ويحك! أحق ما تقول؟ قال: إي والله.

فلما كان بعد ثلاثة تخلق العباس وأخذ عصاه، وخرج يطوف بالبيت؟ فقالت قريش: يا أبا الفضل، هذا والله التجلد، فقال: كلا ومن حلفتم به، لقد فتح رسول الله خيبر، وأعرس بابنة ملكهم! فقالوا: من أتاك بها الحديث؟ فقال: الذي أتاكم بخلافه، ولقد جاءنا مسلما. ثم أتت الأخبار من النواحي بذلك ! فقالوا: أفلتنا الخبيث، أولى له!