وأنا أتأمل صدور أمر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، فجر الخميس قبل الماضي، بتعيين الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز آل سعود «مستشاراً لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير»، مر على الخاطر حديثان شريفان، قالهما سيد الأنام، صلوات ربي وسلامه عليه.

الحديث الأول، برواية سيدنا أبي سعيد الخدري: «من لم يشكر الناس لم يشكر اللَّه»، وفي لفظ برواية سيدنا أبي هريرة: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»، وفيهما يعلمنا المعلم الأول، صلى الله عليه وسلم أن من لوازم شكر الله أن يشكر الإنسان غيره إذا قدّم إليه معروفا، وأن الله لا يقبل شكرا من عبده الذي أحسن إليه، إذا كان العبد ممّن ينسى المعروف الذي قدّمه إليه غيره، وأن من كان طبعه ترك الشكر للناس، كان من عادته وطبعه ترك الشكر لله تعالى، وأن من لا يشكر الناس كمن لا يشكر ربه وإن شكره؛ وكل هذا الحث من أجل معنى لطيف، وهو أن النعمة صدرت وجرت على الإنسان، والمنعم على الحقيقة هو الله تعالى.

الحديث الثاني، برواية سيدنا أبي هريرة: «المستشار مؤتمن»، وهو مختصر من قصة جميلة حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه الصديق والفاروق، رضي الله عنهما، ونزولهم عند سيدنا أبي الهيثم بن التيّهان الأنصاري، وقوله له، ما سبق ذكره، ومنه نتعلم أهمية الاستشارة، وقيمة المستشار.


غادر الأمير النبيل مشعل بن ماجد، محبوبته «محافظة جدة»، وظيفيا فقط، بعد أن خدم أهلها بكل صدق وأمانة وإخلاص وعدل، طيلة ربع قرن تقريبا، واستطاع أن يترك بصماته وكلماته في قلوب أهلها، الذين نشأت بينهم وبينه علاقات ممتدة تصل إلى الحميمية، وهو ما جعلهم يحفظون قوله: «جدة متفردة في كل شيء.. جدة تجمع بين عبق التاريخ وأصالة الماضي، وبين زخم التطور والحداثة.. جدة يجد كلٌ فيها مبتغاه علما ودراسة وتاريخا وسياحة وتجارة.. جدة تفوق المفهوم المتعارف عليه للمدن»؛ وهو ما يستوجب الشكر له على كل شيء، دون أي استثناء، ولولا الخصوصية لذكرت بعض المسببات الداعية لذلك.

التوفيق الكبير للأمير مشعل في أدواره المنوطة به، أوصلته إلى مكانة متميزة مستحقة، عند ولي الأمر، وولي العهد، يحفظهما ربي، وهي التي صدر بها الأمر الرمضاني الأخير، الذي عبر عن اغتباطه به بقوله لولي أمرنا: «بكل الفخر والاعتزاز أتلقى صدور أمركم الكريم بتعييني مستشاراً لمقامكم، هذا الشرف الذي أعاهد المولى عز وجل ثم أعاهدكم أن أكون مخلصاً للدين ثم المليك والوطن..»، وقوله لسمو ولي العهد: «أرفع لمقامكم الكريم خالص الشكر والتقدير بمناسبة صدور أمر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتعييني مستشاراً لمقام سيدي أدامه الله ونصره بعزه، وإنه لشرف عظيم لي هذا التعيين..».

كل الشكر للأمير «المؤتمن» مشعل بن ماجد على ما قدم لجدة، وأهل جدة، وزوار جدة، وكل الدعاء له بالتوفيق في مهامه الكبيرة، ومسؤولياته المنتظرة؛ فالملفات متعددة، والوطن كتاب مفتوح، وصفحاته مشرعة ومتعددة، ومواكبة تطوراته المتلاحقة لا يقوى عليها إلا {القوي الأمين}، وأبو خالد كذلك، وجزى الله عنا خيرا من وضعا الثقة فيه، سيدي خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما البارئ ورعاهما، وسدد خطاهما، وأعزهما بنصره، إنه سميع مجيب.