تقول الحكاية: «في صباح يوم من أيام الشتاء الباردة ذهب مدير الموارد البشرية في إحدى الشركات إلى المدير العام ليعرض عليه سياسة الموارد البشرية فقال:

(انتهينا من عمل السياسة وبانتظار موافقتك عليها)، فكان رد المدير:

ولماذا نحتاج إلى سياسات وإجراءات أرسل لي أي شيء تريده بالبريد الإلكتروني وأنا أوافق عليه فورًا !، كما طلبت الإدارة المالية الرئيسية من فريق الشركة المالي تطبيق سياسة الإدارة المالية وما يتعلق بها من إجراءات.

فكان رد مدير الشركة «لماذا نحتاجها أنا أوافق لكم على ما تشاؤون». وفي اليوم التالي ذهب مدير عام الشركة لاجتماعه الدوري مع مجلس إدارة الشركة، وكان موضوع الاجتماع عن اتجاهات وحجم السوق وكانت الأسئلة تدور عن نسبة حصة الشركة في السوق فكان رد المدير العام هو 10% من حجم السوق!، وعند استفسار رئيس مجلس الإدارة عن التفاصيل وكيف تم التوصل إلى هذه النتيجة اتضح أن هذا الرقم مجرد اجتهاد وتخمين، ولا يوجد له ما يدعمه من دراسات واتجاهات في السوق.

بعد فترة طلب مجلس الإدارة من قسم الحوكمة تطبيق سياسات الحوكمة للتوازي مع معطيات المنافسة في السوق ولمزيد من الشفافية، وذلك تمهيداً لطرح الشركة القابضة في سوق الأسهم، وتم تشكيل فريق تنفيذي للحوكمة واستقطاب أفضل الكفاءات لدعم هذا التطبيق وللتحول الرقمي، وقد بدأ الفريق بصياغة السياسات وكانت إحدى هذه السياسات سياسة الموارد البشرية التي اقترحها مدير الموارد البشرية سابقًا والتي أصبحت الركيزة الأساسية لشئون الموظفين للشركة، وعند اجتماع الفريق مع المدير العام قال لهم:

«أنا لا أحتاج إلى سياسات أو إجراءات، وعملي على أفضل حال، ولا أرغب في تنفيذ هذه السياسات»!

بعد مضي عدة أشهر كان مدير الشركة المقاوم الأول للتغيير في كيان المنظمة خارج المؤسسة ليحل محله مدير آخر.

ومما سبق، تبين لنا هذه القصة أن المدير هو في النهاية موظف قابل للتغيير لا يمكن أن يعيش الدور الحاكم بأمره وأنه هو السيد المطاع. إننا في مرحلة مهمة في بناء وطننا الغالي تقتضي أن نسير في الركب العالمي الداعم للأنماط والأفكار الادارية العصرية وأن نترك الأفكار التي لم تعد نتنتمي لهذا العصر وأن نلتزم بأعلى معايير الشفافية والمصداقية والحوكمة.

في كثير من الحوارات يستشهد «البعض» من القيادات الإدارية بالمعايير الغربية وكيف أن الشركات الغربية متقدمة ولكننا عندما نحاول تطبيق هذه المعايير نجد أنهم هم أول المقاومين للتغير!، أذكر جيدًا ستيف جوبز في أحد مقابلاته عندما سأله المذيع:

ماذا تعمل في يومك؟ قال: عملي اليومي هو مقابلة فرق من الناس والعمل على «الأفكار» و«حل المشاكل»، ففاجئه المذيع وقال:

هل من الممكن أن يخبرك الفريق بأنك على خطأ؟!

فأجاب بابتسامة «أجل بالطبع» لدينا في آبل مناقشات رائعة، وأيضًا عندما أراد ستيف جوبز أن يعين بديله الذي سيعقبه قال له: عزيزي تيم لا أريد أن نصبح كما أصبحت ديزني عندما توفي والت ديزني، والتنفيذيون كانوا يقولون لأي مشكلة ماذا كان سيصنع والت، عزيزي تيم لا أريدك أن تقول ماذا كان سيصنع ستيف افعل ما تراه صائبًا.

عزيزي المدير دع من سيعقبك يذكر تأسيسك للمكان وإضافتك التي ستكون «عونًا» وليس «مأزقًا».