هل سمعت بمقولة «بات واضحا وبشكل مركب أن تطور التكنولوجيا قد فاق تطور إنسانيتنا».. ألبرت أينشتاين؟. حرصت شعوب العالم، والشعوب العربية خاصة، منذ بداية البشرية حتى هذا اليوم، على المحافظة على تميزها وتفردها، اجتماعيا وثقافيا وعلميا، وما نشهده الآن من تطورات تكنولوجية هائلة مثل «الشبكات - الإنترنت - مواقع التواصل الاجتماعي - تكنولوجيا النقل»، وغيرها أصبحت بمنزلة تحد وصراع لهذه الهويات بما تبثه من خلالها!.

ما أقصده بصراع الهوية في زمن التكنولوجيا ليست بطاقة التعريف الشخصية لكل فرد، بل على العكس من ذلك، إنما أقصد تصرفات الإنسان وبعض تغيرات العادات والتقاليد واللهجات في أثناء ما احتلته التكنولوجيا احتلالا كبيرا في حياتنا، وأشغلت حيزا كبيرا من أدمغتنا، فأصبحنا كالآلات تقودنا هذه الشبكات والمواقع دون وعي في أثناء استخدامها بشكل مبالغ فيه. لا ننكر أن التكنولوجيا لها أهمية كبيرة في حياتنا، وأسهمت بفاعلية كبيرة في جميع المجالات الحياتية، سواء كان ذلك على الأصعدة العلمية أو المهنية وحتى الشخصية، وأكبر دليل على ذلك ما نراه الآن من سهولة ونجاح التعليم عند بُعد في أثناء جائحة كورونا، وسهولة التواصل مع الأعمال التي لا تحتاج سوي وقت لإنجازها.

كما أنها جعلت العالم الكبير بدا وكأنه قرية صغيرة، وهذا رائع؟، ولكن أدي إفراطنا في استخدام التكنولوجيا والشبكات إلى البعد عن هويتنا، وهو ما نراه الآن في مجتمعنا العربي خاصة، حيث انخرط الإنسان انخراطا كبيرا فيها، تخطى كوننا أمة لنا عقول نستخدمها وننتفع بها، وما أحدثه التعامل السلبي مع التكنولوجيا أصبح أمرا رئيسيا لتغيير أطباع وعادات وتعامل الآخرين مع بعضهم.

أبسط الأمثلة على ذلك، الإنسان العادي في أثناء استخدامه تلك المواقع، أيا منها، أبعدته عن إحساسه بحاجته لله في جميع أمور حياته، هذا أولا، ثانيا عدم مساعدة الإنسان عقله، وتنميته بالاطلاع على الكتب وما تحتويه، أو حل المسائل التي تحتاج إلى تفكير وتحليل، بل جعل عقله وكأنه جهاز صامت لا فائدة منه، فأصبحت تلك الأجهزة هي شغله الشاغل في أثناء يومه.

أيضا هناك من كَون العديد من الصداقات الافتراضية على شبكات مواقع التواصل، فأصبح يتصرف بتصرفاتهم، ويأخذ من أطباعهم وأسلوبهم، مما أدى إلى بعده عن هويته التي ولد وترعرع على أصولها ومبادئها الحقيقية.

فلنحافظ على هويتنا، ونفتخر بها، ولا نجعل أي شائب من شوائب الحياة يتخللها، ونتمسك بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، من عادات وتقاليد، لتعزيزها وتنميتها، والمحافظة على الاقتداء بها دائما.

برأيك.. هل تعتقد أن هناك أمرا آخر غير التكنولوجيا أدي إلى تغيير عادات وتقاليد البعض في المجتمع؟!.