هطل علينا سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في لقائه الأخير مع الإعلامي عبدالله المديفر غيثاً ينعش القلوب والعقول والمزاج في ليلة كان الجميع محظوظًا وهو يستمتع بالحديث عن المستقبل الذي رسمت ملامحه مكتملة واضحة، حيث أبان سمو الأمير الشاب في حديثه عن الكثير من التطلعات المستقبلية للمملكة، وعن إدراك حقيقي للفرص والتحديات في المرحلة القادمة، ولعل ذلك ما جعل الجميع يشعر بالطمأنينة وهم ينصتون لتفاصيل يسمعونها لأول مرة في وقفات تحدث فيها عن بناء الفريق المؤهل والقادر على قيادة المرحلة القادمة، وعن منجز المملكة من رؤية ٢٠٣٠ وماحققته من أهداف وطموحات إلى آنه.

وتطرق إلى الفلسفة والمنهج الذي تستمد منه المملكة هويتها ومعتقداتها ومنطلقاتها الفكرية الوسطية بتمكن واضح يفوق الكثير من المهتمين بهذا الشأن، ولم يكن الحديث عن الصحة، والتعليم والوظائف، والمدن التكنولوجية، والإسكان والطاقة بأقل وضوحا من غيره، وهو ما عزز الثقة بأن جميع الخطط والمستهدفات التنموية في طريقها الصحيح، بضمانات يأتي في مقدمتها الدعم الكبير من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والمتابعة الحثيثة من سمو ولي العهد شخصيًا. ولعل من أجمل فقرات هذا اللقاء تلك الصراحة والاعترافات عن مرحلة ماقبل ٢٠١٥، وجملة التحديات التنموية البشرية والمادية التي واجهت المملكة، وكادت أن تشكل إعاقة تهدد تقدم التنمية، سواء فيما يتعلق بضعف القيادات على مستوى الوزارات ونوابها ووكلائها أو عدم وجود المجالس المناسبة التي تدعم السياسات والقرارات الاستراتيجية والمالية للدولة، الأمر الذي جعل من إيجاد هذه المُمَكِّنات وتلافي تلك الصعوبات أولوية لديه، فكان عام انطلاق الرؤية هو بداية إعادة هيكلة الحكومة وعدد من القطاعات، وإنشاء مجالس الدولة للشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية كمتطلب رئيس لرؤية المملكة، كون بناء الإنسان يأتي أولا كهدف رئيس في جميع الدول والحضارات.

وفي حديثه عن العلاقات الخارجية للمملكة جاء حديثه مُحمّلاً بتوقعات إيجابية للمرحلة القادمة مشددًا على أن المملكة ذات سيادة لا تقبل الضغط من أي جهة كانت وأن القيادة الرشيدة تعمل على تعزيز المصالح الوطنية وتفادي جميع نقاط الخلاف مؤكدًا رغبة المملكة في إيجاد علاقة طيبة مع الجميع. وقد حظي اللقاء بمتابعة واسعة من الشعب السعودي الذي وضع ثقته الكبرى في هذا القائد الملهم، تلك الثقة التي تعززت في لقاء سموه بعد أن وضع مواطنيه في حالة اطلاع كاملة عن جميع التفاصيل الاستراتيجية والتنفيذية للدولة في شراكة حقيقية بين القيادة والشعب، كما أن العالم بدوره أنصت باهتمام كبير لسموه وهو يطلق عددًا من التطمينات حول الرغبة الحقيقية للتعايش بسلام والشراكة المتكافئة مع الجميع في إطار من المصالح المتبادلة بين الشعوب بهدف تحسين الحياة للجميع.

ولقد عبر سموه في هذا اللقاء عن الكثير من سمات الشعب السعودي التي يفخر بها كل فرد وهي تلك الإيجابية التي تميز المواطن في المملكة ورغبته في التعايش مع الجميع بعيدًا عن المحاذير والمخاوف التي لم تتسرب إلى روح هذا الوطن ومواطنيه يومًا، وذلك لما يمثله من قيمة عربية وإسلامية وإنسانية أتاحت له الحراك بفاعلية ونصرة المبادئ بشرف، ولعل الكلمة التي سيبقي صداها طويلاً في تعبير صادق عن هذا الوطن ورجاله هي «السعودي لا يخاف».