تخرج خالد في المرحلة الثانوية بمعدل يؤهله للانضمام لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث لدراسة الطب في أوروبا، وهو برنامج يتبع لوزارة التعليم (من أقوى برامج الابتعاث وأعلاها جودة في حياة المبتعث عالميا)، وذهب إلى هناك وأمضى 8 أعوام من عمره «ليس ليله بليل ولا نهاره بنهار» من كثرة العناء والمشقة ليحقق حلم وطنه قبل أسرته بالحصول على شهادة الطب، وكان له ذلك في وسط 2020، وعاد لتستقبله عشيرته بالاحتفالات والتكريم، وبدأ مشواره في إكمال سنة الامتياز، وهنا بدأت مرحلة مختلفة. بدأ صاحبنا سنة الامتياز هذه والتي هي باختصار (يعمل طبيبا بدوام كامل 8 ساعات يوميا متنقلا بين الأقسام الأساسية للطب)، وفي حال لم يكمل هذا العام لأي ظرف حتى ولو كان خارج إرادته فعليه أن يعيد هذه السنة من جديد وبهذا سيتأخر عامين عن زملائه، وبالطبع فهو عائد من الغربة وهو «على الحديدة» نظرا لتكاليف المعيشة هناك، ويحتاج أي مبلغ على الأقل لـ«البنزين والأكل» يوميا ليستطيع أن يعمل في أحد أهم المهن على مستوى العالم والتي تمس بشكل مباشر حياة الإنسان، فلا مجال للتأخير أو التهاون، أو السرحان في «كيف أدبر الفلوس»، ولكن وللأسف فإن بعض المسؤولين بوزارة التعليم يتعامل مع هؤلاء النخبة بنوع من «اللامبالاة»، فبالحديث مع أحد هؤلاء الأطباء والذي عاد للمملكة ليكمل سنة الامتياز هنا، فعليه أن ينتظر 3 أشهر وهو يعمل يوميا ولكن بلا ريال واحد، والسبب أن وزارة التعليم تقول إن لديها إجراءات للتحقق من صحة هذا التخرج وتراسل الجامعات وهذا يتطلب 3 أشهر على الأقل، السؤال هنا كيف ينضم طالب امتياز لأي مستشفى ليكمل هذا العام وهو لم يتم التحقق من صحة تخرجه وأنه مؤهل لذلك، فستجيب وزارة التعليم بأنه قد تم الانتهاء من معادلة الشهادة وتوثيقها من الملحقية وغيرها، أليس هذا كافيًا ليحصل هذا الطالب الطبيب على مكافأته من أول شهر، وفي حال كان هناك تحقق آخر وغير موضح، فألسنا في عصر التحول الرقمي، وأليست هناك طرق تختصر هذه الـ3 أشهر إلى أيام.

ويقول هؤلاء الأطباء إن المسؤولين مديري الإدارات العامة للشؤون المالية وإدارة التدقيق وإدارة الرواتب في قسم الموارد البشرية هم السبب بالتحديد في هذه المشكلة السنوية، فلكم أعزائي المسؤولين أن تضعوا أنفسكم مكان شبابنا هؤلاء والذين هم نخبة النخبة من أبنائنا، وهم يستلفون من أقاربهم أو غيرهم كي يجدوا ما يسد حاجاتهم الأساسية، بما في ذلك عامل الكوفي شوب بالمستشفى، والمغسلة ومحطة البنزين، فما بالك إن كان مطالبا باختبارات بعضها يتعدى الـ1200 ريال مثل اختبار هيئة التخصصات الصحية، وهذا حال العامة من طلاب الامتياز.

أما أصحاب الوضع الأصعب وهم خريجو الجامعات الأوروبية على وجه الخصوص فهؤلاء حتى بعد أن تمضي الـ3 أشهر، فقد تصل إليهم المكافأة بأثر رجعي وقد لا تصل، فهناك أطباء يخبرونني أن عددهم في قروب تليجرام تجاوز الـ220 طبيبًا، وجميعهم بلا استثناء يعانون من عدم انتظام المكافأة، وقد وصل الحال بأحدهم إلى مرور 9 أشهر بلا ريال واحد، والبعض منهم تتأخر مكافأته بالشهرين والثلاثة عن موعدها المحدد أسوة بباقي زملائهم خريجي الجامعات السعودية وغيرها.

السؤال هنا أليست هذه السنة بالنسبة للأطباء هي من أهم السنوات التي يطبّق بها عصارة ما تعلمه وفي نفس الوقت هي بداية الانطلاقة العملية لما سيكون عليه في المستقبل، فهل من الصعب إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة، أم أنكم ستقفون وقوف المتفرج و(أطباؤكم يستلفون يا وزارة التعليم).