«خلطة من الزنجبيل والماء الدافئ كفيلة بعلاج كورونا» «وش فيك تتغلى» «ليش ما تتفاعل في الجروب» «إليك 21 نصيحة ذهبية لحياة هادئة».. هذا النمط من الرسائل الواتسابية يصلنا من مستخدمين مختلفين للتطبيق، ينشرون المضمون نفسه، لندخل في دوامة روتينية تنافس الروتين اليومي، المكتظ بالمشاغل وانهماك العمل. هذا التطبيق، الذي أطلق في 2009، أصبح - تدريجيا - وسيلة التواصل الأولى، إذ تجاوز عدد مستخدميه عالميا، في آخر إحصائية، حاجز المليارين، رغم مطالباتهم أخيرا بمقاطعته، والانتقال إلى تطبيقات مماثلة.

لا شك أن تضخم أعداد مستخدميه، رغم ظهور العديد من التطبيقات المشابهة، عائد إلى سهولة استخدامه، بما يتناسب مع شرائح الجمهور بمختلف خصائصهم الديموغرافية، فهو تجاوز مرحلة التواصل بين الأقارب والأصدقاء إلى أن أصبح يمثل وسيلة اتصال في ميادين العمل، وأضحى وسيلة تجرى من خلالها المخاطبات واتخاذ القرارات. وأصبح «واتساب» مشبعا بمجموعات العمل والتواصل الأسري والأصدقاء وأصحاب الهويات المشتركة، مما يجعل في ثنايا تلك المجموعات تنوعا في الشخصيات، فنجد الداعية والفيلسوف والمحقق والطبيب والمحلل وخبير الطقس والمتمصدر والوصي.

ومن هذا المنطلق، نجد أن أكثر السلبيات التي تواجه مستخدمي التطبيق أنه يعد مصدرا أساسيا مولدا للشائعات، التي لا تقتصر على مجال محدد أو فترة زمنية واضحة، فالشائعات تزدهر وقت الأزمات وقلة المعلومات، إلا أن الواقع مع «واتساب» مختلف تماما، فكثير من مستخدميه لديهم القدرة على ترويج الأكاذيب ونشرها في كل وقت وبأي ظروف، فقط لأجل المشاركة، وهذا يجعل معظم الرسائل فيه مكررة، وقد يمتلك بعض أفراد المجموعات من الفراغ الشيء الكثير، وهذا يدفعهم لتنبيه بعضهم بأي رسالة مكررة بعبارة «مكرر»، مما يزيد التخمة في رسائل «واتساب».

ونظير تلك الضوضاء الاتصالية التي أحدثها التطبيق، لجأ الكثير من مستخدميه إلى خاصية «إخفاء قراءة الرسالة»، وبهذا يحصن نفسه عن «التشره»، ومعاتبة الآخرين له بعدم الرد على رسائلهم. ولكن فضول المستخدمين يذهب في كثير من الأحيان إلى نقطة أبعد، وهي المعاتبة على عدم الرد رغم وجودك متصلا، ثم يفسرون عدم تجاوبك بأنه حالة من حالات التجاهل.

ومن الزاوية الاتصالية المهمة، معظم أنماط الاتصال الموجودة في التطبيق تعتمد على الرسائل النصية المكتوبة، وهذا يعني أنها مجردة من المشاعر، وتعطي انطباعا غير المقصود في الرسالة، ومحتواها جاف، فقد يعتقد المستقبل أن المرسل غاضب، لأنه فقط فسر رسالته خلاف المقصود، وهنا تأتي ضرورة استخدام الرموز التعبيرية (الإيموجي)، التي تكون رافدا معززا للرسالة المكتوبة، وتؤكد المعنى المقصود. كما أسهم «واتساب» في تجويف المشاعر من خلال الرسائل المكررة والعامة، والتصاميم المعلبة التي لا تعبر عن المشاعر الحقيقية، مما قد يحول التطبيق إلى معركة ذات التصاميم لأماكن جهات العمل.

ختاما.. سأكون أنا كذلك جزءا من رحلة «الإزعاج الواتسابي»، وسأنشر رابط هذا المقال عبر «واتساب» لكل من أعرف ومن لا أعرف، تسولا وتوسلا لتفاعلهم. لكن هناك من هو أكثر إزعاجا مني، يحاول الاتصال بيّ عبر التطبيق حاليا، للرد على رسالته، رغم علمه التام بأن الاتصالات في التطبيق لا تعمل في المملكة!.