بعد أن أقرت الصين قانونا جديدا لمواجهة العقوبات الأجنبية يتمثل في نص يمكن أن يضع المجموعات متعددة الجنسيات في مواجهة معضلات جيوسياسية خطرة بين بكين والغرب.

وتأتي هذه المجموعة القانونية الجديدة التي اعتمدها البرلمان الصيني بعد أسبوع من توسيع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن اللائحة السوداء للشركات الصينية التي يحظر على الأمريكيين الاستثمار فيها، باسم الأمن القومي، وكانت الصين دانت هذه الخطوة ووعدت باتخاذ إجراءات «للدفاع» عن شركاتها.

- لماذا قانون؟

دخل النص الذي يقع في 16 مادة حيز التنفيذ فور صدوره، أمس. وهو يهدف إلى «حماية» أي فرد أو منظمة صينية في حال قامت دولة ما «باستخدام ذرائع مختلفة أو قوانينها» لاتخاذ إجراءات «تمييزية» ضده.

لم يرد اسم أي دولة صراحة في النص.

لكن بكين تشكو منذ فترة طويلة من تطبيق القانون الأمريكي خارج نطاق أراضي الولايات المتحدة عبر عقوبات وقيود تجارية.

ويوضح النص أن القانون الجديد يضفي شرعية الآن على إجراءات رد يمكن «تعليقها أو تعديلها أو إلغاؤها».

- على ماذا ينص ؟

بين الإجراءات الانتقامية الواردة في النص حظر منح تأشيرات ودخول الأراضي الصينية للأفراد الخاضعين لأحكام القانون ولعائلاتهم أيضا.

ويسمح النص بـ«ختم ممتلكات» أشخاص أو شركات تطبق عقوبات ضد الصين «بالشمع الأحمر ومصادرتها وتجميدها».

كذلك يتيح القانون إمكانية اللجوء إلى «إجراءات أخرى» غير محددة.

وقالت أنجيلا تشانغ الخبيرة في القانون الصيني في جامعة هونغ كونغ لوكالة فرانس برس، إنه بسبب الصياغة الغامضة للقانون «يمكن أن يؤثر ذلك على عدد كبير من الأشخاص والشركات».

من جهته رأى أستاذ القانون بجامعة هوفسترا في الولايات المتحدة جوليان كو أنه «ضرب من الجنون» محذرا من أن «أكاديميين وخبراء وعائلاتهم ومراكز فكرية يمكن أن تعاقب لدعمها عقوبات ضد الصين».

- ما العواقب؟

رجحت تشانغ أن يكون تأثير القانون «مدمرا» بالنسبة للمجموعات متعددة الجنسيات العالقة وسط التنافس بين بكين والغرب، معبرة في الوقت نفسه عن اعتقادها بأن بكين لن تستخدم هذه العقوبات «إلا في حال الضرورة» ولكن «بشكل فوري».

وأشارت إلى أن ذلك «يمكن أن يزيد القلق» في دوائر الأعمال الأجنبية وسيكون «مكلفا» لبكين علي صعيد الاستثمارات.

ورأت أن الشركات الأجنبية قد تميل إلى نقل إنتاجها إلى خارج الصين مسرعة بذلك انفصالا «يتعارض مع مصالح» بكين الحريصة على المحافظة على فرص العمل.

لكن هذا القانون الجديد سيشكل حتما «معضلة حقيقية» للشركات الأجنبية في الصين حسب جوليان كو، في إشارة إلى الخيار الصعب الذي ستضطر للقيام به: الامتثال للعقوبات الأميركية أو المجازفة بإمكانية مواجهة إجراءات انتقامية صينية، والعكس صحيح.

وقالت أنجيلا تشانغ، إن بعض الشركات قد تصل فجأة إلى حد «الضغط على حكوماتها» لرفع العقوبات عن الصين.

- ما ردود الفعل؟

عبرت غرفة التجارة الأوروبية في الصين عن أسفها لأنه بات على الشركات الأجنبية «العمل في حقل ألغام تشريعي جديد»، موضحة أنها «صدمت» بهذا القانون.

أما غرفة التجارة الأمريكية، فقالت إنها تأمل ألا تضطر شركاتها «لاختيار طرف دون الآخر».

ورد المتحدث باسم الدبلوماسية الصينية وانغ وينبين قائلا للصحفيين، إن القانون يوفر «على العكس» بيئة قانونية وتجارية «مستقرة ويمكن التكهن» بتطوراتها.

- هل هو أمر جديد فعلا؟

في أجواء الخلافات المتفاقمة مع واشنطن في الأسابيع الأخيرة من ولاية دونالد ترمب، أعلنت بكين في يناير قواعد للرد على القرارات «غير المبررة» ضد الصين.

أتاحت هذه الإجراءات المبهمة جدا، إمكانية «الانتقام» للأفراد الصينيين والكيانات المستهدفين بالعقوبات الأجنبية، وكذلك بدء إطلاق ملاحقات قضائية في الصين.

وبشكل أعم، يستهدف القوميون الصينيون باستمرار الشركات الأجنبية التي لا يترددون في إدانتها على شبكات التواصل الاجتماعي لأي خطأ بسيط.

وفي مارس أثارت شركة «أتش آند أم» السويدية العملاقة للملابس الجاهزة والعديد من العلامات التجارية الأجنبية غضبا ودعوات إلى المقاطعة لموقفها من مسألة حقوق الإنسان. فقد تعهدت العام الماضي وقف شراء القطن من شينجيانغ للاشتباه بإنتاجه في إطار «عمل قسري» في المنطقة ذات الغالبية المسلمة في شمال غربي الصين.