لم يخف على أحد في منظومة السياسة الداخلية في إيران والإقليمية والدولية، أن رئيسي لم يتم اختياره من قبل الشعب الإيراني، مثلما تروج له وسائل الإعلام في إيران المحسوبة على المرشد الولي الفقيه، مثلما يدعون في إيران، ويلقب بهذا، خاصة التي تتبع الحرس الثوري الإيراني، الذي شكل بأمر من الخميني لقتل وسحق كل من يحاول أن يتفوه بكلمة حق، أو يطالب بأبسط حقوقه، حتى يعيش بشيء من الإنسانية والكرامة في وطنه.

وما تروج له بعض وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء التابعة لأذرع وميليشيات الحرس الثوري في المنطقة، بل تم اختياره من قبل المرشد الإيراني علي خامنئي، وهذا جاء بالتنسيق مع الحرس الثوري، وقدم له دعما غير مسبوق من قبل تيار المحافظين، والمقابل هو القضاء على التيار الإصلاحي، الذي حتى وإن في بعض الانتخابات فازوا بمقعد الرئاسة، لكن هذا الفوز يولد ويحتضر لمدة أربع سنوات في غرفة الإنعاش، تحت رحمة تيار المحافظين، وهذا ما حصل مع محمد خاتمي وحسن روحاني، فلم يكن لهما من الأمر شيئا سوى أنهما دمية على كرسي الرئاسة.

أما الدوافع الخفية والسياسية لدعم إبراهيم رئيسي للفوز في الانتخابات، فهناك توجه خفي ربما لا يعلمه الكثير من أبناء الشعب الإيراني، ولكن لا يخفى على القوى السياسية الإيرانية المعارضة في الداخل الإيراني وخارجه، وراء دعم الحرس الثوري لإبراهيم رئيسي له أبعاد سياسية ثورية، وهو توجه القوى الثورية ومن يسمون برجال الدين، ومعهم مجلس مصلحة النظام ومجلس تشخيص النظام، وكل القوى المنطوية تحت ما يسمى الثورة الإسلامية في إيران، وهي ثورة النكبة والفقر والجوع على الشعب الإيراني، منذ قيام الخميني بالانقلاب على إمبراطورية آل بهلوي شاه إيران بدعم خارجي من بعض دول أوروبا، وتساهل أمريكي من خلف الكواليس في تلك الحقبة الزمنية، مما كان له كارثة على الاستقرار الإقليمي في المنطقة، من خلال هذا النظام الذي دأب على تغذية الجماعات المتطرفة، لزعزعة الاستقرار في المنطقة.

وهذا الدعم لإبراهيم رئيسي لا يقف عند حدود الفوز بكرسي الرئاسة، بل هو إعداد إبراهيم رئيسي لما هو توجه في الخفاء وتهيئة الرجل لخلافة المرشد الثاني، علي خامنئي ليكون المرشد الثالث للجمهورية الإيرانية، وهذا هو السبب الخفي لدعم إبراهيم رئيسي، وهو رجل له تاريخ طويل في اضطهاد حقوق الإنسان، وقتل الأبرياء وتعذيبهم في إيران، وهو على لائحة العقوبات الأمريكية لمنتهكي حقوق وكرامة الإنسان.

لكن قيادتنا في هذه البلاد الطاهرة المتمسكة بكتاب الله ومحكم التنزيل وسنة نبينا محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، تدرك أن سياسة إيران التخريبية في المنطقة هي سياسة دائمة لا تتغير بتغير من كان يقعد بالأمس أو اليوم على كرسي الرئاسة، بل المشكلة في فئة العمامة السوداء، الذين لا يملكون أي مشروع سياسي وطني يصب في مصلحة ازدهار واستقرار شعبهم، ومن خلاله مد أيديهم للعالم بالسلام والعلاقات الأخوية الصادقة، حتى ينعم الشعب الإيراني بلقمة العيش والاستقرار والسلام، مما ينعكس على المنطقة بالاستقرار وفرص الاستثمار، بدلا من سياسية الإطماع في سراب الأحلام، والتخريب الذي جر الويلات والعقوبات على الشعب الإيراني.

فهل يعي إبراهيم رئيسي وحكومته القادمة أن السلام والانسحاب من العراق واليمن ولبنان، والكف ووقف الدعم للميليشيات الإرهابية التخريبية، هو خير ومصلحة عليا للشعب الإيراني والمنطقة والعالم، وأن سياسة نشر الفوضى في المنطقة، هي دمار وحصار وفقر يدفع ثمنه المواطن الإيراني؟.