قال موسى بن هارون: كنت عند عبيدالله بن عبدالله بن طاهر، وقد جاءه الزبير بن بكار فأعلمه أن المعتز بعث إلى أخيه محمد بن عبدالله بن طاهر يأمر بإحضاره وتقليده القضاء، فقال له الزبير بن بكار: قد بلغت هذه السن وأتولى القضاء! أو بعد ما رويت أن من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين!

فقال له: فتلحق بأمير المؤمنين بسر من رأى، فقال له: أفعل.

فأمر له بمال ينفقه، وبظهر يحمله ويحمل ثقله، ثم قاله له: إن رأيت يا أبا عبدالله أن تفيدنا شيئا قبل أن نفترق؟ قال: نعم! انصرفت من عمرة المحرم، فبينا أنا بأثاية العرج، إذا أنا بجماعة مجتمعة، فأقبلت إليهم، وإذا رجل كان يقنص الظباء، وقد وقع ظبي في حبالته فذبحه، فانتفض في يده فضربه بقرنه صدره، فنشب القرن فيه فمات.


وأقبلت فتاة كالمهاة، فلما رأت زوجها ميتا شهقت ثم قالت:

يا حسن لو بطل لكنه أجل على الأثاية ما أودى به البطل..

يا حسن جمع أحشائي وأقلقها وذاك يا حسن لولا غيره جلل..

أضحت فتاة بنى نهد علانية وبعلها بين أيدى القوم محتمل ثم شهقت فماتت، فما رأيت أعجب من الثلاثة: الظبى مذبوحا، والرجل جريحا، والفتاة ميتة.

فأمر له عبيد الله بمال آخر، ثم أقبل إلى أخيه محمد بن عبدالله بعد خروج الزبير، فقال: إن الذي أخذناه من الفادة في خبره أكثر عندي مما أعطيناه من الحباء والصلة.