لم نعرف بعد أن مصر قد انتقلت إلى خط الاستواء، ولا أن درجة الحرارة ارتفعت فيها خلال هذا الشهر إلى أرقام لا مثيل لها في العالم! ومع ذلك قالت الزميلة «الجمهورية» إن درجة الحرارة في القاهرة 40 درجة، تسبب لهيب الحر في حريق بفيلا في الدقي بسبب انصهار الأسلاك الكهربائية من شدة الحرارة، وعطلت الموجة الحارة مرور السيارات في الشوارع، وفتح معظم أصحاب السيارات الأغطية الأمامية لتهوية المحركات وحمايتها من الاحتراق، ويمكن أن نضيف إلى ذلك حرائق المخازن وقضبان السكك الحديدية التي قيل إنها «ساحت من الحر»، انتشار الذباب وتكاثره، وبالتالي انتشار أمراض وبائية نعبر عنها باسم حركي هو «أمراض الصيف» حتى لا نذكر أسماءها الحقيقية، إلى آخره. يا سلام!.

يحدث هذا في بلد معتدل الجو بالنسبة للعالم، ما بين خط الاستواء والقطب الشمالي؟ درجة الحرارة 40 مسؤولة عن كل هذا؟ لماذا نضحك على أنفسنا؟ وكأن السيارات والأسلاك وقضبان السكك الحديدية عندنا ليست كالتي عند غيرنا، إن السيارات عندنا هي نفس السيارات في بلاد تصل فيها درجة الحرارة إلى 50 درجة أو أكثر، ولكنها تحترق لا من السير، ولكن من أزمة المرور وتوقفها الطويل، أو زحفها البطيء والحرائق بسبب الإهمال، وأسلاك الكهرباء تحترق لأنها مكشوفة وقديمة، وأمراض الصيف سببها أكوام الزبالة أو القاذورات في كل مكان، وانعدام أي جهد للنظافة، وهو أمر يحتاج إلى عمالة مكدسة عندنا بغير عمل، وليست محتاجة إلى خبراء أجانب ولا عملة صعبة، إننا لا نريد أن نعمل شيئاً حتى نظافة المدن، ونكتفي بإلقاء المسؤولية على الآخرين، والآن على الطقس، والكثير -كالحالة مع الأمراض مثلاً- لا ننشره، نحن نخجل من النشر، ولكن المشكلة هي أن ما لا ينشر في الصحف نعتبره وكأنه لم يقع!

أو بالمثل الشعبي، لا من شاف ولا من درى!

1983*

* صحفي مصري «1927 - 1996»