حقيقة ثابتة أن الأنظمة العربية ببعض الدول التي شملها ربيع أوباما وهيلاري لا تتمتع شعوبها بالأمن والاستقرار، ولا بمستوى ارتياح شعبي، بظل حكم أحزاب أو ما يسمى برلماني، بل برأس دولة من الجيش وقائد عسكري محنك وقوي.

وبنظرة فاحصة؛ نجد أن المتغير استشراء الفساد وثراء زعماء الأحزاب وازدياد الفضائيات، ولكل حزب جهاز إعلامي، وتعددت الرؤوس، وكما هو واضح وجلي أن الأحزاب التي استولت على السلطة بعد يناير 2011 ودولة واحدة في 2003، أحزاب متأسلمة لا تحمل من الإسلام سوى قناع لاستقطاب أصوات للوصول إلى السلطة، ثبت فشل تلك الأنظمة، والقاسم المشترك ارتباطها بمحور أوباما إردوغان نظام ولاية الفقيه وجماعة الإخوان.

وحدها مصر؛ عام واحد ثم انقشعت الغمة وانحاز الجيش الباسل مع جموع مليونية من بينهم من صوتوا لجماعة الإخوان، كانوا مخدوعين، لولا التحام الجيش مع الشعب الذي لم يكن مستغربًا، والدلائل واضحة على الاستقرار والأمن والإنجازات العملاقة رغم الشحن الإعلامي الممول من دول غربية ونظام الحمدين، واستيعاب نظام إردوغان لأبواق ناعقة، وفتح بلاده على مصراعيها إلى أن حُشر في الزاوية؛ أدرك أن حزبه خسر قواعده وتقدمت المعارضة في الداخل، والمتوقع فوزها في الانتخابات القادمة.

العراق سلمته واشنطن لإيران وها هو يجني خيباته من إيران وأزلامها الذين أضحوا سلطة موازية ونافذة ومسلحة حتى النخاع، وتحت حماية زعماء كتل بالبرلمان من الملاحقات نفذوا خمسين هجومًا على قواعد أمريكية وسفارتها في بغداد منذ يناير العام الجاري. سورية تم تدويلها عمليا، تحالف دولي، ونفوذ روسي تركي وأمريكي لدرجة أن فتح منفذ لدخول مساعدات إنسانية لملايين السوريين تم أخيرًا بعد أن تنازلت روسيا عن شرط نظام بشار، وأقرت موسكو أن نظام بشار كان يوزع المساعدات لأتباعه فقط، وتلا ذلك عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي، وصدر قرار دولي بالأغلبية قبل يومين بإدخال المساعدات من منفذ باب الهوى شمال سورية.

أعود لتأكيد أن التنظيم العالمي لجماعة الإخوان وولاية الفقيه بينهما ترابط فكري ومصلحي لتقاسم النفوذ في دول ما يسمى بالربيع، إضافة لوضع العراق قبل ثمانية أعوام منذ الغزو الأمريكي للعراق المنسق مع إيران، التي عقدت صفقة مع أمريكا أن يتسلم الحكم في العراق حزب الدعوة الذي تبنى هرمية جماعة الإخوان، بل من أعضائه من تشربوا تعاليم البنا وسيد قطب قبل أن يتغير النظام في إيران 1979م، وتاليا غادروا سورية وبريطانيا اللتين كانتا تحتضنهم واختاروا إيران.

وما تلا ذلك، لدعم النظام السوري لمعارضي صدام، توطد الحلف بين دمشق وطهران، انتهى بتوغل إيران لجميع مفاصل الحياة سياسيا وأمنيا واقتصاديا وعسكريا في العراق وسورية، وكذلك في اليمن عبر الحوثيين، وقبل ذلك لبنان عبر حسن زميرة...

والوضع الماثل في اليمن تناحر أحزاب، أعطى للحوثيين الفرصة لبدء تنفيذ مخطط الولي الفقيه وسط صمت دولي، وخاصة من دول الفيتو التي لا تزال حتى الآن تراهن على ميليشيات الحوثي عبر مواقف متخاذلة منحازة للباطل.

وقد ضامها أن أفسدت السعودية والتحالف الذي تشكل وبمعزل عن الدول الاستعمارية السابقة التي تسعى إلى ديمومة الصراعات، بعد أن قدموا رعاعا في خمس دول بحسبانهم الاتجاه الوسطي وتقديم وعودٍ هلامية، أن تحكم تلك الدول، وأوصلتها للهاوية.

وحدها، مصر وبدعم سعودي وإماراتي قطعت الخط على تحالف الواهمين والمخادعين، الذين باتوا يناطحون الهواء.