أن تفقد شخصا عزيزا وقريبا من القلب يشاركك إحساسك وتفاصيل يومك، أن ينسحب منك الظهر والعضد والأمان والسلام الداخلي والاطمئنان، أمر في غاية الصعوبة ويصعب احتماله، ناهيك عن أن يرحل هذا العزيز مغدوراً كما الطفل الذي تسحب منه لعبة حبيبة إلى قلبه وهو يتعايش ويستمتع ويلعب بها.

فقدت الأخ والصديق والزوج والحبيب، وفقدت بناتي وأبنائي الخمسة الأب والملجأ والسند، الذي ظل على الدوام صديقا لهم يغمرهم بحبه وعطفه وحنانه، ويغدق عليهم الاهتمام وتلبية الطلبات والرعاية.

فقدنا جميعا ركنا ركينا وسقفا ظليلا وقلبا كبيرا وأبا حنونا وزوجا عطوفا ورجلا كان يملأ حياة أسرتنا أملا وطموحا وعملا واجتهادا وسندا وظهرا لكل أفراد الأسرة.

الفقد مؤلم والحزن عميق والفراق كبير والمصاب جلل، لكن لن نقول إلا ما يرضي الرحمن الرحيم الذي انتقل إليه «إنا لله وإنا إليه راجعون» فهو أرحم به منا جميعا.

تجربة صعبة وألم كبير يصعب التعبير عنه. كان نموذجا للعطاء وبلسما بمعنى الكلمة، وجوده كان له فعل السحر في تزويدنا يوميا بالطاقة الإيجابية، والرغبة في البذل والعطاء والاجتهاد في تحقيق الطموحات، ومعالجة نوائب الدهر وصعوبات الحياة، فقدنا من كان معينا وسندا لتجاوز الصعوبات فكيف نتجاوز صعوبة فقده وجلل مصابنا.

نعم كان الأهل والجيران والأصدقاء سندا وعونا لنا في مصابنا، وكانوا وما زالوا سبباً في تخفيف الآلام وتجاوز الفاجعة، ولهم منا كثير الامتنان وجميل الشكر، إلا أن الحزن لا يزال يعشش بمنزلنا ويحتل مساحته كلها.

من أعلى قمة جبل الحزن والألم هذا، لا بد لي أن أشكر القيادات الأمنية والشرطة ومنسوبيها كافة، الذين اجتهدوا وقدموا الدعم والمساندة وواصلوا الليل بالنهار حتى يشيع عميد أسرتنا ووالد أطفالي إلى مثواه الأخير، ويرقد بسلام في باب جنة عرضها السموات والأرض، فلهم مني ومن أفراد الأسرة كافة، الشكر والتقدير والامتنان، وحقيقي كان موقفهم امتدادا لدولة بنيت على الإنسانية والسماحة والعدل، ورعاية مواطنيها، فالشكر لهم وعبرهم إلى قياداتنا ومسؤولينا.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.