قال له ابن أبي عتيق: بعض قولك يا ابن أخي!، لشعر عمر بن أبي ربيعة نوطة في القلب، وعلوق بالنفس، ودرك للحاجة ليست لشعر الحارث، وما عصى لله - عز وجل - بشعر أكثر مما عصى بشعر عمر بن أبي ربيعة، فخذ عني ما أصف لك: أشعر قريش من دق معناه، ولطف مدخله، وسهل مخرجه، ومتن حشوه، وتعطفت حواشيه، وأنارت معانيه، وأعرب عن حاجته!.
فقال المفضل للحارث: أليس صاحبنا الذي يقول:
إنى وما نحروا غداة مني عند الجمار يؤودها العقل
لو بدلت أعلى مساكنها سفلا وأصبح سفلها يعلو
فيكاد يعرفها الخبير بها فيرده الإقواء والمحل
لعرفت مغناها بما احتملت منى الضلوع لأهلها قبل
فقال له ابن أبي عتيق: يا ابن أخي، استر على نفسك، واكتم على صاحبك، ولا تشاهد المحافل بمثل هذا، أما تطير الحارث عليها حين قلب ربعها، فجعل عاليه سافله. ما بقى إلا أن يسأل الله - تبارك وتعالى - لها حجارة من سجيل. ابن أبي ربيعة كان أحسن صحبة للربع من صاحبك، وأجمل مخاطبة، حيث يقول:
سائلا الربع بالبلى وقولا هجت شوقا لي الغداة طويلا
أين حي حلّوك إذ أنت محفو فبهم آهل أراك جميلا
قال: ساروا فأمعنوا واستقلوا وبرغمي لو استطعت سبيلا
سئمونا وما سئمنا مقاما وأحبوا دماثة وسهولا
فانصرف الرجل خجلا مذعنا.