بعد كل التجارب التي مرت على المنطقة منذ انطلاق الربيع العربي في 2011، ما زالت جماعة «الإخوان المسلمين» تمارس أسوأ دور في تحطيم إرادة شعوب المنطقة وحريتها، فهذه الجماعة في الواقع، وفي العمق، ليست سوى أداة مخادعة في يد الأنظمة والمنظمات الإرهابية السلطوية في منطقتنا. هناك جهات تستعمل هذه المنظمة الغبية وتمتطيها، لتحقيق أهداف لا يمكن في الواقع تحقيقها بهذه النتيجة المبهرة دون منظمة فاسدة وغبية كجماعة «الإخوان المسلمين».

الإخوان إذا كان المطلوب أن يمثلوا دور الخطر الأمني فعلوا، وإذا كان المطلوب أن يمثلوا دور الأغنام التي تريد لعب دور الضباع، ومحاولتها، بطريقة مشمئزة ويائسة، الوصول إلى القيادة والحكم فعلوا، وإذا كان المطلوب الحفاظ على الأوضاع الراهنة، ومواصلة التثبيط والرتابة السياسية عبر معارضة مشلولة الإرادة، فعلوا ذلك أيضا. ففي سوريا، أسهموا في تثبيت أركان النظام السوري الطائفي، بعد أن استدرجهم حافظ الأسد للرقص على أنغامه.

وفي ظل سلطة حسني مبارك، أسهموا في مد عمر نظامه عقودا طويلة، بعد أن تحولوا إلى كومبارس السياسة المباركية، لا تقدم ولا تؤخر. وبعد الربيع العربي، تحولوا إلى معول هدم الربيع العربي، بعد أن أوصلوا بغبائهم أنفسهم إلى - ربما - أغبى سلطة سياسية في التاريخ. اليوم، بعد الذي حدث في تونس ، رأينا راشد الغنوشي يذهب إلى أمام بوابة البرلمان المقفلة، التي بدت وكأنها بوابة أو شبكة سجن، كشخص مذنب متهالك وفاقد الإرادة، وبصوت خافت متذبذب يشكو جلاديه ما يفعلون.

هذا الرجل يثبت أنه لا يعلم شيئا في السياسة والإعلام وفنونهما، وفوق ذلك ذهب وهو يلبس الكمامة المكعبة التي تُظهر وجه الإنسان كوجه الخنزير، والأسوأ ظهر على الشاشات من الجانب، كما يُصور المجرمون خلال الإدلاء باعترافاتهم.

وبدت هيئة الرجل كهيئة المتسول الذي يستجدي عطف الناس في الشوارع بصوته الخافت الحزين، لكي يساعدوه. وإذا كان شخص ما يعتبر نفسه قائدا لشعب، ويريد أن يحركهم ويوجههم نحو الطريق الأمثل في السياسة، فإن هذه الهيئة لا تعكس شخصية قائد قوي وذكي ومحنك وصاحب كاريزما، يحرك الجماهير، بل على العكس، من حيث يدري الرجل أو لا، فإنه يبث في نفوس الناس اليأس والاستسلام، واليقين بأنه قائد عاجز كئيب، لا يقوى على شىء.

هذا النوع من البشر يجب أن يعادوا إلى بيوتهم، لأنهم كما هم عالة على الفضاءات التي تخص المجتمع، فهم أسباب تثبيط همم الناس وشجاعتهم وحركتهم نحو أفق حر ومشرق. ولو كان هذا الرجل، المهزوم نفسيا، يعرف أدنى أبجديات الإعلام والسياسة لما رضي أن يخرج بهذه الهيئة، وفي هكذا موقف ضعيف وذليل.

في الواقع، إن أفضل خدمة تقدمها جماعة الإخوان ورموزها القديمة والجديدة لشعوبنا هي أن تستقيل عن السياسة، وتترك هذه الشعوب تشق طريقها دون تدجيناتهم وديماغوجيتهم التي جلبت الويل والبلاء المقيم على بلدان منطقتنا، يمسي فيها الحليم حيرانا.