حينما كنت أسير في شوارع مدينتنا الحالمة الجميلة «أبها»، وبين طرقاتها ومبانيها، وأحيائها القديمة والحديثة كانت الذاكرة تستحضر لي أسماء مجموعة من العاملين المخلصين الذين جمعتني بهم لجان وأعمال هذه المدينة الأثيرة والحبيبة إلى قلبي، وكان ندى ذكرياتهم يحيط بي، فالإنجاز الذي يقدمه الإنسان يبقى المكان شاهدا عليه، وناطقا بتميزه.

مررت بالمدينة الجامعية التابعة لجامعة الملك خالد في «القريقر»، واستحضرت بكل اعتزاز مدير جامعتها السابق الأستاذ الدكتور عبدالله الراشد، الذي كانت له بصماته السابقة الرائدة، وجهوده الكبيرة ومن ضمنها ما أنجزته إدارته بالموارد المالية القليلة المتاحة آنذاك لينجز هذا المشروع الوطني في «القريقر»، بحس المسؤول الأمين الذي يعي معنى توفير بيئة تعليمية مناسبة للطلاب والطالبات، ويستثمر كل إمكانات ممكنة للحد من الهدر الذي كانت تدفعه الجامعة للمباني المستأجرة آنذاك، وهو ما يبقى إشارة لها دلالتها على حرصه ومتابعته، وأقول هذا ونحن ننتظر بفرح واستبشار افتتاح المدينة الجامعية بالفرعاء التي يتابعها بحزم ودقة الأمير تركي بن طلال، ويجتمع باستمرار مع مسؤولي الجامعة ومقاولي المشروع ليستعرض بكل دقة وشفافية ما تم إنجازه وما لم يتم، ويبحث أسباب أي تعطيل أو تأخير.

عرجت على الإمارة وتذكرت الدكتور عبدالعزيز الخضيري، وجهوده الطيبة المباركة في الإسهام بكل إخلاص وحب لكل ما يخص المنطقة ومشروعاتها وقضاياها، ومناشطها في عمل متواصل، تسنده رؤية عميقة لفلسفة التنمية وآلياتها من خلال رؤية علمية، ونشاط وانضباط متواصل في العمل، حتى حول الطاقات الشابة العاملة في إمارة عسير إلى لوحة متناغمة في البذل والعطاء، متجاوزا بحنكة الإداري الخبير العوائق التي يشهدها العمل الإداري أحيانا، وهو ما عرفه العاملون معه حينما كان وكيلا لإمارة منطقة عسير، مع الأمير خالد الفيصل رائد النهضة وفارسها الأبي الوفي في منطقة عسير، وفي عهد ابن عمه الأمير الفاضل أدبا وخلقا الأمير فيصل بن خالد.

ولم يغب عن ذاكرتي ذكر رجلين من الطراز الأمني المتميز، وهما سعادة اللواء عبدالقادر بن عبدالحي كمال، الذي مزج في حياته وتعامله بين إحساس المثقف والشاعر، ومسؤولية رجل الأمن، فكانت شخصيته تحمل بين جوانبها هذا الثراء الثقافي، والأمني، في تجانس وتكامل، واللواء علي الحازمي الذي كان متقدا حماسا وبذلا في الإشراف على أمن وراحة المواطن والمقيم في هذه المدينة الآمنة الوادعة، يعينه على ذلك عزم وحزم لا يرضى الضرر على أحد، ولا يقر مظلمة يعرفها، حيث كان متجها بكل حب ووفاء وإخلاص لمسؤوليته الأمنية الكبيرة، مشاركا ضباط وأفراد الأمن مسؤولياتهم في الميدان، بعيدا عن المكاتب المكيفة، والصالات الوثيرة، ولا شك أن ما بذله الرجلان من جهد ودأب كان تنفيذا أمينا وصادقا لأوامر قيادة بلادنا الغالية التي تضع أمن المواطن والمقيم في منزلة لا تقبل المساس أو الإساءة.

انطلقت إلى بعض مشروعات المدينة فاستذكرت بكل إنصاف جهود أمين منطقة عسيرالسابق المهندس إبراهيم الخليل الذي كنت أختلف معه في بعض القضايا، ولكني أشهد أنه كان أمينا مخلصا ساعيا إلى بذل كل جهد في عمله بالأمانة، ساعيا بكل وعي واقتدار إلى تنفيذ مشاريع ما تزال شاهدة على حرصه ومتابعته.

ستبقى أبها الوفية شاهدة لهؤلاء ولغيرهم من العاملين المخلصين على ما قدموه وبذلوه، وسنبقى جميعا أوفياء لذكراهم التي تبعثها فينا أبها بجمالها وبهائها، وإذا كنا في «مجموعة أبها عطاء ووفاء» نسعى إلى رد ولو جزء يسير من فضل هؤلاء بالزيارة والتكريم، مستمدين ذلك من توجيهات القيادة الراشدة التي تقدر، وتشكر كل عامل مخلص، وإذا كانت ظروف «كورونا» قد حدت من نشاط المجموعة فإن الأمل يتجه إلى مواصلة هذا التكريم وتلك الزيارات، مقدرين لكل الداعمين والشاكرين دعمهم وشكرهم واقتراحاتهم، ومؤملين في أن تتواصل جهود الوفاء في كل زاوية من بلادنا الغالية التي غدت مضرب المثل في الوفاء والاهتمام والحرص على كل مواطن ومقيم على أرضها، وامتد خيرها ووفاؤها إلى كثير من البلدان في العالم.

إننا في هذه المجموعة نستمد جهدنا في مواصلة التكريم من خلال هذه المنارة الكبيرة في العمل الإنساني والوفاء الأصيل لبلادنا الغالية وقيادتها المباركة، ولن نستغني عن دعمنا بكل رأي صائب، واقتراح وجيه، من كل مواطن ومقيم، فالمجموعة من الجميع لكل العاملين الأوفياء الذين مروا على أبها الفية البهية.