منحتني سنوات عملي الطويلة في مجال التسويق بشكل عام والتسويق الإلكتروني بشكل خاص أن أتابع عن قرب مراحل التطوّر الكبير الذي شهده قطاع تقنية المعلومات والاتصالات بالمملكة، وأن أكون شاهداً على ما كان حلماً أو هدافاً في يوم ما وقد أصبح اليوم حقيقة ماثلة نفخر بها أمام العالم، فالمملكة اليوم تتصدر رقمياً دول مجموعة العشرين وفق تقرير التنافسية الرقمية 2021 الصادر عن المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية.

أبارك لمملكتنا الحبيبة قيادة وشعباً هذا الإنجاز الكبير في تطوير ونجاح قطاع واعد كقطاع تقنية المعلومات والاتصالات والذي لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة دعم قادة المملكة حفظهم الله، وتوجيههم الدائم لتمكين هذا القطاع وتطويره على مدار السنوات الماضية والذي رسمت رؤية المملكة 2030 معالمه وأهدافه ومسارات تحقيقه نحو تحول رقمي شامل يفضي لجودة حياة مستدامة.

قفزات هائلة شاركت في تحقيقها وزارات وهيئات وجهات حكومية عديدة شملت تطوير البنى التحتية للاتصالات، وتطوير القدرات الرقمية وتنميتها، وإطلاق المشاريع الرقمية، وسن التشريعات والأنظمة الرقمية المواكبة لتحقيق الرؤية وأهدافها، وتمكين البيئة التنظيمية للتحول الرقمي، وتسهيل تقديم الخدمات الإلكترونية والرقمية، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وجذبها، وتعزيز الشراكات العالمية في مجال المعرفة الرقمية والتقنية.

ومن أهم هذه القفزات هو دعم رياديي الأعمال الوطنيين وتمكينهم ومساعدتهم في تطوير أدواتهم المعرفية والرقمية، وهو أحد المؤشرات الذي حققت فيه المملكة مركزاً متقدماً وفقاً لتقرير التنافسية الأخير والذي سلط الضوء على دعم المملكة لريادي الأعمال المحليين، وبيّن أهمية هذه الأعمال في تسريع التحول الرقمي وتنفيذ برامجه في قطاعات اقتصادية وخدمية كثيرة ومتنوعة بالمملكة.

كثيرة هي قصص النجاح التي نسج خيوطها شباب سعودي طموح من رياديي الأعمال في التجارة الإلكترونية عامة وفي التجارة الرقمية بشكل خاص، حيث بدؤوا بخبراتهم المحلية وطوّرها بدعم حكومي واسع، وانتقلوا بنجاحاتهم إلى دول مجاورة، ما لفت أنظار كبرى الشركات الرقمية العالمية إليهم وإلى أهميّة السّوق السّعودي بوصفه سوقاً جاذباً وواعداً، فدخلوا في شراكات استراتيجية مهمة مع الشركات الرقمية الوطنية، ما ساعد على نقل المعرفة الرقمية المتقدمة إلى المملكة وأسهم في توطينها، ولدينا نماذج كثيرة على هذه الشركات منها على سبيل المثال لا الحصر شركة "سوق دوت كوم" والتي جذبت أهم مستثمر عالمي في هذا القطاع شركة "أمازون" ليكون لدينا "أمازون السعودية" أيضاً شركة "هنقرستيشن" والتي بدأت عام 2012 في مدينة الخبر على أيدي شباب سعودي طموح، وتوالت معهم نجاحاتها، ودخلت السوق البحرينية، واستمرت في النمو مستفيدة من المناخ والإمكانيات الرقمية والتحتية التي وفرتها الدولة، وأصبحت اليوم شريكاً عالمياً لشركة "دلفري هيرو" والتي هي من أهم الشركات الرقمية في قطاع التوصيل السريع حول العالم.