يوم الخميس القادم، ليس كأي خميس يمر علينا نحن أبناء هذه البلاد المباركة، إنه اليوم الذي يجب أن ندرك فيه تمام الإدراك مجموعة البطولات والملاحم التي خاضها والدنا جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، رحمه الله، وكيف مكنه رب العزة والجلال، في يوم وطني مجيد، قبل 91 سنة، من توحيد البلاد والعباد، وتأسيس كيان شامخ، لم يكن ليستمر شموخه دون الجهود العظيمة التي بذلها رحمه الله تعالى، ومعه الذين آمنوا بفكرته الوطنية، ومن سار على دربه من بعده من أبنائه، ملوكنا وقادتنا وأولياء أمورنا، الذين نهجوا على نهج أبيهم الملك المؤسس في بناء دولة الوطن، لا دولة القبيلة أو غيرها، وسعوا إلى ترسيخ أساس النهضة التي أسسها الملك الموحد، حتى وصلنا إلى هذا العهد الزاهر، رحم الله من تقدم منهم، وحفظ لنا من بقي.

تأتي ذكرانا الغالية، والغالية المملكة العربية السعودية تواجه استحقاقات متنوعة، وتحديات مختلفة، استشرف لها كبير البلاد وحكيمها، خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه، ومعه ولي عهده الأمين؛ صمام الأمان، ومصمم المستقبل المشرق، بإذن الله تعالى، الأمير محمد بن سلمان، سدده الله وأيده، ومعهما بطانة نسأل الله أن يوفقها ويعينها، لخدمة تراب هذا الوطن المحترم، ومن يعيش عليه.

هذه الأيام الجميلة، التي تسبق الذكرى الوطنية الغالية، فرصة لمخاطبة الوطن بالأفئدة والعقول، والتذكير بحبه، وحب قيادته، وأن ذلك مصدر مهم لخير للناس، يذكر الجاحظ، في الصفحة 118، من الجزء الأول، من كتابه الشهير (المحاسن والأضداد) قائلا «قال بعض الحكماء: عسرك في بلدك، خير من يسرك في غربتك، وقيل لأعرابي: ما الغبطة؟ قال: الكفاية، ولزوم الأوطان، والجلوس مع الإخوان، وقيل: فما الذل؟ قال: التنقل في البلدان، والتنحي عن الأوطان».

نعمة كبرى وعظيمة، أن يرى الإنسان وطنه مستمرا في السير نحو المجد والشموخ والعلياء، تحيط به عناية خاصة من الإله الكريم، جل جلاله، وتلفه أفضال قائدٍ حكيم، ووليّ عهدٍ كريم، ودعوات شعبٍ عظيم، يعرف فضل والده الكبير عليه، ويستذكر دوما مناقبه، وأن من أبرزها أنه، وكما وصفه الأديب الشهير محي الدين بن صالح رضا، في كتابه عنه: «هادئ المزاج، كريم الأخلاق، حليم الطباع، طيب العشرة لطيفها، لا يغضب إلا نادرا، وإذا غضب، هلع الذين حوله، صبور شجاع جبار متواضع، يكره العظمة والكبرياء، رحب الصدر، يصغي إلى مخاطبه مهما كان شأنه، يستقبل جميع زواره بالبشاشة، لا فرق عنده بين الكبير والصغير، يجذب جلساءه بعذب حديثه، وهو كريم فلا يرد سائلا، ويشرف بنفسه على توزيع إحسانه، وقلما يعتمد على حاشيته»، وأنه وكما نعته الأديب الكبير عباس العقاد: «كان الملك عبدالعزيز عنيدا مع الأقوياء، متواضعا مع الضعفاء، لكنه كان يسمع الرأي الآخر، فإذا اقتنع به رجع إليه، لأنه اتخذ من الحق والشريعة إماما وحكما».. اللهم ارحم عبدك الملك عبدالعزيز، وضاعف مثوباته، وأيد بالحق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، يا كريم..

خاتمة: من أبيات الشيخ أبي بكر العيدروس:

«وطوّل لنا عمر سلطاننا

واحرسه من أعين الحاسدين

وكن حافظاً له وكن حارساً

وكن ناصراً له وكن له معين

وعامله باللطف في أحواله

مع حسن دنيا وإكمال دين

وأصلحه يا ربّ في أفعاله

وأصلح بأفعاله المسلمين».