في الذكرى الواحدة والتسعون لتأسيس المملكة العربية السعودية، يستلهم السعوديون جميعًا إرثًا يتسم بالعمق والأصالة، فمسيرة المملكة منذ يوم التأسيس وحتى يومنا هذا شهدت تحوّلات شديدة العمق على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية على رقعة واسعةٍ من العالم العربي هي أرض المملكة، ولطالما كان لما أطلقه الملوك الذين تتابعوا على حكمها من خطط تنموية كثيرة، تأثيرًا بالغ الإيجابية على المواطن السعودي، إذ لامست تلك الخطط طموح المواطن، فكان تأسيس المملكة علامة فارقة في تاريخ جزيرة العرب والعالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص، وفي تاريخ العالم بوجهٍ عام.

الذكرى الواحدة والتسعون لتأسيس المملكة العربية السعودية، ليست مجرد احتفالية نحتفل بها ثم نعود إلى منازلنا وأعمالنا. إنها مسؤولية نحمل جميعًا مكوناتها، ونحمل جميعاً رسالة هذه المملكة للعالم كله، فمملكةٌ أسست لسبب وجيه يجب أن يدرك العالم ويفهم قيمتها ومكانتها وأهميتها للسلم العالمي. إنها مملكة لم تؤسس بدوافع سياسية أو دينية، ولكنها مملكة تأسست لتصنع لشعبها دولةً تحتضن أمالهم، وتقطع الطريق على من تاجروا بآلامهم، فهي مملكة اكتسبت من اللحظة الأولى لتأسيسها أسبابًا منطقية للغاية.

إننا اليوم ونحن على بعدٍ أيام قلائل من هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا، نقف بثبات في مواجهة تحديات كبرى تواجه مملكتنا الحبيبة، في ظل الأوضاع الإقليمية والعالمية التي تعصف بالعالم. لا نستلهم من تأسيس المملكة وجهد المؤسسين فقط قيمة الإخلاص في العمل، وقيمة الإصرار على النجاح، ولكننا أيضًا نستشعر اليوم قيمة أن نكون أوفياء لعهد المؤسسين، وقادرين على حماية مشروعهم الوطني الذي جمع أهل هذه البلاد كلها تحت رايةٍ واحدة.


لا يزال الطريق طويلاً جدًا أمام جيلنا وأمام أجيال المملكة القادمة، فواحد وتسعون عامًا من عمر المملكة كان بمثابة وضع حجر أساس، واليوم نحن نبدأ مرحلة جديدة، تكتنفها تحوّلات عميقة وجذرية ستساعد شعب المملكة على الانسجام مع المتغيرات العالمية بشكلٍ يضمن له نجاح التفاعل مع مكونات التنمية المستدامة في ظل المفاهيم العالمية الجديدة. أمامنا جهد كبير وعملٌ مهم كجيل كامل لكي ننقل مملكتنا الحبيبة في ظل قيادتها الرشيدة إلى آفاق تناسب مكانتها وقيمتها، وتلبي طموح شعبها، وتجيب على أسئلتها المصيرية الكبرى والتي تتعلق بمستقبل الأجيال القادمة، ولهذا فنحن أمام تحدي تنمية مصيري، ولطالما برهن الشعب السعودي وقيادته على أنهم جميعًا وفي خندقهم المشترك أبدًا قادرون على مواجهة كل التحديات والوصول إلى بر الأمان بحكمة، وريادة، ومسؤولية، وإتقان.

ختاما.. نسال الله فخراً (كل عام والسعودية تعانق السماء مجدًا).