مرُّ علينا اليوم الوطني الواحد والتسعين للمملكة العربية السعودية، الذي يصادف 23 سبتمبر من كل عام، كمناسبة غالية وعزيزة على قلوب الجميع. أسأل المولى - تبارك وتعالى - أن يديم علينا أمننا وأماننا، وأن يحفظ قيادتنا من كل سوء ومكروه، ويمد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان، وولي عهده الأمين - رعاهما الله - بعونه الدائم، وتوفيقه المستمر في كل ما ينفع البلاد والعباد. من الجميل أن نستذكر في هذا اليوم المراحل التاريخية لتوحيد مملكتنا تحت راية وقيادة قامت على كتاب الله وسنة نبيه، بقيادة المغفور له بإذن الله المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، الذي أسس صرح المملكة الشامخ، الذي ظلَّ ينطلق منذ ذلك الوقت بقوة، لبناء حضارةٍ تدعمها تنمية شاملة، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. ويأتي احتفالنا باليوم الوطني الواحد والتسعين لهذا العام، الذي يحمل شعار «هي لنا دار»، ليعضد من معاني وقيم التكاتف والتعاون، والعمل تحت راية القيادة، حيث يمثل الاحتفاء بهذه المناسبة كل معاني الوفاء والانتماء، ويظهر فيه تلاحم الجميع، من خلال المشاركة والتعبير عن ذلك بعدة أشكال تعكس معاني سامية، من ولاء وحب وعطاء متبادل بين القيادة وجميع من على أرض مملكتنا الغالية. وعلى الرغم من وجود تحديات كثيرة خلال الفترة الماضية، فإنه برزت عدة نجاحات، تحققت بفضل المولى، ثم بتكاتف الجميع، فالكل يعمل تحت راية القيادة، لتحقيق الريادة، وهذا الأمر يقودنا للحديث عن بعض ما تم تحقيقه من إنجازات ونجاحات لافتة، انعكست على عدة مؤشرات اقتصادية ورقمية، عززت من مكانة المملكة المرموقة في المنطقة وبين دول العالم، وهذا يتسق مع مركزها الرائد، ويتوافق مع ثقلها في الدور الذي تلعبه على المستوى الدولي. نجد أننا، وبعد مرور أكثر من 18 شهرا على «جائحة كورونا»، وبفضل من المولى سبحانه وتعالى، استطاعت الحكومة، بكل إرادة وحكمة، التعامل بمهنية واحترافية مع التحديات، وحققت عدة نجاحات وإنجازات، خاصة على الصعيد الاقتصادي والتنموي. يأتي ذلك بشهادة من المحافل الدولية المعروفة، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي الذي أكد تحقيق اقتصاد المملكة عدة إنجازات، مع استمرار تعافيه. وقد أشاد الصندوق باستجابة المملكة المرنة والسريعة والحازمة لـ«جائحة كورونا»، إلى جانب الإصلاحات الطموحة، التي كانت جارية ضمن إطار «رؤية المملكة 2030»، مما كان له الأثر الكبير، بل والرئيس في الحد من الآثار السلبية للجائحة على اقتصاد المملكة. ومما عزز من هذه النجاحات والإنجازات الاقتصادية برنامج «دعم تمويل القطاع الخاص»، الذي أطلق بناء على توجيهات القيادة، والذي عمل بصورة فاعلة على مساندة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مواجهة تحديات الجائحة، وساعدها على استمرارية أعمالها. ومن الجدير بالذكر ما تشير إليه كل التوقعات من نمو القطاع الخاص بشكل مستمر في العام الجاري، ليبلغ 5.8%، ويستمر على المدى المتوسط والطويل بمعدل نمو قدره 4.8%، بحسب ما أشار إليه أخيرا صندوق النقد الدولي، إلى جانب تسارع خطوات الحكومة والخدمات المالية للتحول الرقمي، وكذلك إصلاحات سوق العمل، والإمكانات المتوافرة لتنفيذ السياسات الاقتصادية، التي مكَّنت الحكومة من إدارة الأزمة على النحو المطلوب. ولا شكَّ أن كل هذه الإنجازات قد سبقتها إصلاحات عديدة، عملت على زيادة حراك سوق العمل بالمملكة، إلى جانب زيادة تنافسيته وجاذبيته، الأمر الذي سيسهم في استقطاب أصحاب الكفاءات والمهارات النادرة بصفة عامة، ويركز على دور المرأة بصفة خاصة، وكيفية إدخالها سوق العمل، وذلك عقب تنفيذ حزمة من الإصلاحات التي مكنتها من ارتياد سوق العمل في مختلف قطاعاته، بما يتوافق مع أحكام ديننا وتقاليدنا، حيث تشير أحدث الإحصاءات إلى ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل على 33% خلال العامين الماضيين، وذلك نتيجة جهود التمكين المثمرة. إن زيادة التنافسية في سوق العمل في المملكة، وارتفاع مستوى الشفافية المالية العامة، خاصة في المشتريات العامة التي تتم من خلال منصة «اعتماد»، بالإضافة إلى الشمول المالي، والتكنولوجيا المالية، التي شهدت بدورها تطورا سريعا ولافتا، كل ذلك يعد من العوامل المهمة التي تؤدي لاستقطاب المستثمرين المحليين والأجانب، وهو أمر يجعل من السوق السعودية محورا مهما ومؤثرا في المنطقة. إن كل هذه المؤشرات الإيجابية، التي أتت متزامنة مع احتفالنا باليوم الوطني الواحد والتسعين، تجعلنا متفائلين - بمشيئة الله - بأن العمل في الحفاظ على الاستدامة المالية سيسهم في تعزيز متانة اقتصادنا الوطني، تحت ظل قيادة تعمل بشكل متواصل لإحداث نقل نوعية على جميع الأصعدة، ويبقى علينا نحن كمواطنين أن نحافظ على مظاهر التعاون والتكاتف، والعمل تحت راية هذه القيادة، التي تجعلنا دائما راغبين ومتطلعين لمزيد من العز والازدهار، بأمر الله. نافذة: زيادة التنافسية وارتفاع مستوى الشفافية المالية العامة والشمول المالي والتكنولوجيا المالية عوامل مهمة لاستقطاب المستثمرين المحليين والأجانب