يتجدد الولاء ويتعزز الانتماء، ويتنامى العطاء، مع كل عام جديد يضيف زخماً من مشاعر الفخر والرضا والاطمئنان، لوطن نحتمي بسمائه ونلتحف بأمنه، وننعم بعطاياه ونزهو بجوده وكرمه وشموخه، هو وطن لكل الأوطان، ودار لكل الديار، تجده سنداً لمن يقصده في الشدة، وداعماً لمن يحتاجه في الضعف، هو وطن الإنسانية العالمية، التي لا تميز بين الأعراق والأديان، وطن سمته المروءة والوفاء ونجدة الملهوف، وطن النماء والعطاء، الذي يرتوي بالقيم العربية الأصيلة التي يفخر بها، ويتغذى على مبادئ الدين الحنيف الذي يضيء له المسار في المعاملات والعبادات، هو وطن التسامح والعفو عند المقدرة.

في كل عام نفتخر ونعتز بمنجزات مستمرة وواعدة، نزهو بحاضر نعيش خيراته ونجني ثماره، ونتطلع لمستقبل نسعى إلى تحقيق خططه وبرامجه، منجزات شملت جميع مرتكزات التنمية ومجالاتها المختلفة، سواء على الصعيد الاجتماعي أم الاقتصادي أم الوطني، برامج ومشروعات ومبادرات، تترجم رؤية تنموية شاملة، تحتوي الوطن بمقدراته، تستهدف تحويل السعودية إلى أنموذج عالمي رائد، في تمكين أبنائه واستثمار مقدراته، لخلق اقتصاد متنوع ومزدهر، وبناء مجتمع حيوي، يحقق طموحا ليس له حدود.

تتمتع المملكة بمكامن اقتصادية قوية، وبمعطيات دينية وجغرافية، أهّلتها لأن تكون رائدة في مسيرتها، متميزة في عطائها، نموذجاً في سياساتها المعتدلة الداخلية والإقليمية والعالمية، تمتلك السعودية قدرات استثمارية ضخمة تم تسخيرها لبناء اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة، وقد حباها الله بأن تكون موطناً للحرمين الشريفين وقبلة للمسلمين، وراعية لخدمة ضيوف الرحمن، الذين يتوافدون عليها طول العام، ما بين الحج والعمرة والزيارة الميسرة بجميع إجراءاتها، والذي جعلها تحتل مكانة فريدة في قلب العالمين العربي والإسلامي، كما حظيت بموقع إستراتيجي متميز، جعلها حلقة وصل ما بين القارات الثلاث، تمثل قلب الحركة التجارية والبشرية عبر العصور، لقربها من الممرات المائية الإستراتيجية، وبمنافذها الحيوية الممتدة.

تضمنت الأهداف الإستراتيجية لرؤية المملكة في أولوياتها، ستة أهداف رئيسة، شملت مختلف تطلعاتنا التنموية، واحتوت معالجة ما نواجه من تحديات، وتحددت في:

1 - التمكين من حياة عامرة وصحية.

2 - تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية.

3 - تنمية الاقتصاد وتنويعه.

4 - زيادة معدلات التوظيف.

5 - تعزيز فاعلية الحكومة.

6 - تمكين المسؤولية الاجتماعية.

ولتحقيق مستهدفات الرؤية 2030 في سنواتها الأولى وفي الأعوام المقبلة، وُضعت البرامج والمبادرات المختلفة لذلك، ولضمان اتساقها مع مستهدفات الرؤية، جرى عليها بعض التغييرات التطويرية، بما يكفل رفع كفاءة الإنفاق والاستجابة للمستجدات الاقتصادية، إذ أعيدت هيكلة بعض البرامج القائمة، وأُنشئت أخرى تماشياً مع متطلبات المرحلة المقبلة، بينما تم تسكين بعض البرامج وتحديث أهدافها، ومبادراتها والجهات المرتبطة بها. من البرامج التي تم تمديدها أو إعادة هيكلتها: برنامج التحول الوطني، برنامج الإسكان، برنامج صندوق الاستثمارات العامة، برنامج التخصيص، برنامج الاستدامة المالية «تحقيق التوازن المالي»، برنامج تطوير القطاع المالي، برنامج جودة الحياة، برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، برنامج خدمة ضيوف الرحمن، برنامج تنمية القدرات البشرية.

يُعد «برنامج تنمية القدرات البشرية»، الذي أطلقه مؤخراً ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، واحدا من أهم البرامج التي تم تطويرها لتلبية احتياجات وطموح جميع شرائح المجتمع، بما يستهدفه البرنامج من تطوير وتنمية، لمختلف القدرات البشرية، من مرحلة الطفولة، وحتى الجامعات والكليات والمعاهد التقنية والمهنية، بهدف إعداد المواطن لمتطلبات الحياة، وبما يخدم حاجات سوق العمل المتباينة.

برنامج تنمية القدرات البشرية، يُمثل إستراتيجية وطنية، تستهدف تعزيز تنافسية القدرات البشرية الوطنية محليا وعالمياً، باغتنام الفرص الواعدة الناتجة عن الاحتياجات المتجددة والمتسارعة، وبما يستهدف إعداد المواطن القادر المتمكن الطموح، الذي يمتلك مهارات المعرفة، ويواكب متغيرات متطلبات سوق العمل الحالي والمستقبلي، ليساهم في بناء اقتصاد متين ومتنوع، يستند على المعارف والمهارات، التي يمثل العنصر البشري رأس مالها الرئيس.

يتضمن برنامج «تنمية القدرات البشرية» في خطته، 89 مبادرة تستهدف تحقيق 16 هدفاً إستراتيجياً، من أهداف رؤية المملكة 2030، وتستند إستراتيجية البرنامج على ثلاث ركائز رئيسة، هي، تطوير أساس تعليمي متين مرن للجميع، والإعداد لسوق العمل المستقبلي محلياً وعالمياً، وإتاحة فرص التعلم مدى الحياة.

تتضمن مبادرات البرنامج عددا من التغييرات والتطويرات، التي تشمل منظومتي «التعليم وسوق العمل»، بما يعزز من مساهمة المواطن في دفع عجلة التنمية الوطنية، ويزيد من تمكنه من المشاركة الفاعلة في سوق العمل، ويرفع من قدراته ومهاراته المهنية والفنية والتقنية، بما يواكب متطلبات التنمية وتطلعاتها، إذ تبدأ المبادرات من مرحلة الطفولة المبكرة، بالتوسع في رياض الأطفال، بما يسهم في تنمية قدراتهم في نشأتهم الأولى، ليضيف إلى مهاراتهم الشخصية بُعداً مدروساً، وتمتد إلى التوجيه والإرشاد المهني للطلاب/‏ت للالتحاق بسوق العمل، بما يتضمن تمكينهم من تحديد توجهاتهم المهنية، والتي تُعد عند كثير من الطلاب/‏ت أو الباحثين عن عمل مُعضلة، وذلك من خلال تزويدهم بالمعرفة والمهارات، لرسم خطة لتنمية شخصياتهم وتحديد توجهاتهم، بما ينعكس إيجاباً على تمكنهم من المنافسة في سوق العمل محلياً وعالمياً.

إتاحة فرص التعليم مدى الحياة، تُعد من أحد أهم المرتكزات التي يستند إليها البرنامج، لكونها ستزيد من معدلات التوظيف للمواطنين، وستسهم في توطين الوظائف عالية المهارات، من خلال تأهيل وتدريب المواطنين، بالإضافة إلى تفعيل أكبر قدر من الشراكة بين القطاعين العام والخاص والقطاع غير الربحي، وسيعزز البرنامج من تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين، كالتفكير الإبداعي وتحليل البيانات، بما يخدم التنافسية في سوق العمل محليا وعالمياُ.

جميع المبادرات التي تضمنها برنامج «تنمية القدرات البشرية» بما احتواه من تفصيلات، ستشكل علامة فارقة في التنمية الوطنية، سواء في بناء جيل المستقبل، أو في تطوير مهارات وقدرات الجيل الحالي، والذي يتطلب تعزيز فاعلية دور الحكومة، بمواءمة السياسات الوطنية للقطاعات المختلفة، وتنسيق إجراءاتها المنفذة، لتخدم تلك الأهداف الإستراتيجية الطموحة والواعدة. سنوات من الإنجازات الوطنية الشاهدة، وزخم من المشاركات العالمية الُمشرفة، سواء في تحمل عبء المسؤولية الإنسانية والتنمية العالمية، أو في بذل الجهود الحثيثة لحفظ السلام والأمن الدوليين، مسيرتنا الوطنية سجل يترجم سبب مكانتا العالمية المشرفة، وطن يستحق المباهاة والفخر بمنجزاته، بما يعزز الانتماء إليه والولاء له والاعتزاز به، دمت موطن العز والشرف، أنت حمانا وملاذنا، عليك نستند وبك نرتقي.