عملية الترجمة من لغة إلى أخرى تكون، في غالبها، للإجابة عن «ماذا» يقول الطرف الأول بلغته، ومن ثم تتم صياغته بلغة يفهمها الطرف الثاني. هذا وإن كان يبدو منطقيا لهذه العملية، إلا أن ترجمة «كيف» قال الشخص الجملة التي تتم ترجمتها حاليا لها أثر كبير في إيصال الفكرة بشكل سليم. ذكر باحثون من شركة «آي. بي. إم» (IBM)، ومركز الأبحاث بشركة زيروكس (Xerox)، في بحث تم نشره في أحد المؤتمرات، أن عملية الترجمة تتأثر بشكل كبير بالسمات الاجتماعية والديموغرافية للمتحدث، وهذه الصفات تلعب دورا مهما في صياغة الترجمة من لغة إلى أخرى. وما وجده الباحثون في تجاربهم أن عملية الترجمة الآلية باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي تجرد النص من تلك السمات التي كانت تحمل العديد من المعاني غير المباشرة في النص، غير أن تجرد النص من شكله الاجتماعي ليس نهاية القصة، ولكن المقلق في الأمر أن هناك احتمالية أن يتغير أسلوب النص بسبب خوارزميات الترجمة الآلية، مما يعني أن محصلة الترجمة قد تحمل خواصا اجتماعية لم تكن موجودة في النص الأصلي. كما هو معلوم، فأسلوب الكتابة يختلف من شخص لآخر، فالكبير يكتب بأسلوب يختلف عن الشخص الصغير، والذكر يكتب بأسلوب مختلف عن الأنثى. وعلى الرغم من أن هذا الاختلاف قد يكون من السهل على البشر ملاحظته، فإنه ليس بتلك السهولة على أنظمة الترجمة الآلية اكتشافه، وهذا ما دفع الدكتور ديرك هوفي (Dirk Hovy) من جامعة بوكوني (Bocconi University) في إيطاليا مع فريقه البحثي إلى دراسة تأثير هذه الاختلافات على خوارزميات الترجمة الآلية، وتحديدا ما تستخدمه الشركات العملاقة من تقنيات، وتقدمها كمنتجات عبر منصاتها بشكل مجاني على شبكة الإنترنت. قد وجد الدكتور ديرك أن منصات الترجمة الآلية، التي تتوافر على عدد من محركات البحث، يوجد بها تحيز في أثناء الترجمة، حيث تم اختبار ثلاث من أكبر منصات الترجمة على الإنترنت، وتوصل الباحثون إلى أن تلك المنصات متحيزة بشكل ملحوظ لإنتاج نص مشابه لذلك الذي يكتبه الرجال البالغون، بمعنى أنه إذا حاول أحدهم ترجمة نص مكتوب من قِبل شابة، فإن محصلة الترجمة ستكون كنص كتبه رجل في العقد الرابع من عمره، أي أن النص الناتج من هذه المنصات يبدو أكثر ذكورية. وعلى الرغم من أن الدكتور ديرك ذكر عددا من المسببات لهذا التغير في أسلوب النص، فإن هذا الاكتشاف يعد أول خطوة في حل مشكلة تحيز خوارزميات الترجمة الآلية.