في الوقت الذي أحدثت فيه أزمة كورونا تأثيرا قويا في الاقتصاد العالمي انعكس كثيرا على انخفاض أسواق الأسهم والمال والنفط، فإنها أوجدت في المقابل فرصا استثمارية ذهبية لأنه من الطبيعي بعد الخروج من تلك الأزمة العالمية ستعود كافة الأسواق بشكل تدريجي إلى الارتفاع، وهذا الشيء متوقع في عالم المال والأعمال.

والمملكة عملت منذ تفشي هذه الأزمة على وضع السياسات المناسبة للحد من تأثير فيروس كورونا في اقتصادها الوطني، وهذه السياسات والإجراءات التي اتخذتها مؤخرا ستحد كثيرا من تبعات هذه الأزمة على اقتصادها انطلاقا مما تتمتع به كأحد الاقتصادات الرائدة عالمياً، فهي عضوٌ في قمة العشرين، كما أنها تعد الاقتصاد الأكبر والأكثر نجاحاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي يتوقع أن ينافس اقتصادات عالمية.

وعلى الرغم من أن المملكة كانت تعتمد على الاقتصاد الريعي القائم على النفط كمصدر أساس للدخل، إلا أنها ومن خلال رؤية 2030 وبرامجها التي تتنوع من التوازن المالي والتحول الوطني والاستثمارات العامة، مروراً بجودة الحياة والإسكان والقدرات البشرية، وغيرها الكثير استطاعت تنويع مصادر اقتصادها وبناء اقتصاد عصري أكثر استدامة، مما أكسبها سمعة متزايدة كقِبلة حيوية للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأتوقع أن يكون الربع الأخير في العام الحالي بمثابة مرحلة ترقب وتشافي للأسواق بشكل عام وإيجاد خيارات استثمارية جديدة، فيما شهد الربع الثالث عودة الحركة إلى الأسواق المحلية والعالمية ودخول استثمارات جديدة ومجالات مستقبلية، خصوصا بعد القضاء على أزمة كورونا بشكل عام فيما ستكون الفترة المقبلة مرحلة جديدة من الاستثمارات بعد قراءة أفضل للسوق المحلي والعالمي.

وهناك أسباب متعددة وراء استمرار نجاح اقتصاد المملكة في تحقيق طفرة على مدار الأعوام الماضية، فبيئة المملكة تحفز جذب الاستثمارات الأجنبية لديها، والاستثمار في المملكة وهي عضوٌ بارز في مجلس التعاون الخليجي يُتيح أيضاً فرصة ارتياد أسواق الدول الخمس الأعضاء الأخرى والتعاون مع الاقتصادات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وهناك كثير من المغريات للاستثمار في المملكة، منها امتلاكها موقعاً جغرافياً إستراتيجياً يُشار إليه بالبنان، حيث تقف في مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا وشبه القارة الهندية، فضلا عما تتمتع من بنيةٍ تحتية وشبكة مواصلات مُتميّزة، أيضا لديها جيلٌ متزايد من الشباب الذين كانوا ولا يزالون عاملاً رئيسياً في عدد من القرارات الإستراتيجية الحكومية، والتحسن التدريجي لبيئة الأعمال في السعودية واستمرار مكافحة الفساد عززا ثقة المستثمر المحلي والعربي والأجنبي بمستقبل الاقتصاد السعودي الذي بات يستقطب أكثر من نحو ربع تريليون دولار قيمة استثمارات أجنبية.

والمملكة لم تُخف رغبتها في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعد واحدةً من أكثر الطرق فعالية لتنويع الاقتصاد وتوفير فرص العمل للأجيال القادمة، فالسعودية في إطار رؤية 2030 أعطت الاستثمار أولوية قصوى وحضوراً أقوى، وهي تتطلع في ظل هذه الرؤية إلى تحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل في رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى المعدل العالمي 5.7%، والانتقال بالاقتصاد الوطني من المركز 25 في مؤشر التنافسية إلى أحد المراكز الـ10 الأولى، ورؤية 2030 أتاحت فرصًا واعدة للمستثمرين المحليين والأجانب، الأمر الذي سوف يتم إنجازه من خلال توفير مشروعات عملاقة، من شأنها توفير مزيد من فرص الاستثمار، كمشروع القدية، الفيصلية، نيوم وعسير والعلا، وغيرها وبرنامج جودة الحياة، إضافة إلى رفع أصول صندوق الاستثمارات العامة، بالإضافة إلى تطلعها إلى أن يصبح هذا الصندوق قوة محرّكة للاستثمار والجهة الاستثمارية الأكثر تأثيراً على مستوى العالم بأصول تقع تحت إدارته بمليارات الدولارات، فضلاً عن جذب أهم الشركات الأجنبية لضخ استثمارات في المملكة.