في كل مرة تعلن فيها البنوك عن تطوير نظام عملها، بما يتناسب مع طبيعة العصر، بداية من استخدام الإنترنت لإدارة الحسابات، مروراً بعصر الدفع الإلكتروني ونهاية بعصر العملات الرقمية المشفرة.

الأمر الذي صاحبه تطور في الحركة الإنسانية بالكامل، حتى وصل لشكلها الحالي.

يعتبر ظهور البنوك مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بظهور وتطور النقود. وقبل استخدام النقود كانت الناس تجري عملياتها التجارية بنظام المقايضة.

لكن مع الوقت تغير هذا النظام، نتيجة احتياج البعض لسلعة ما، قد لا يكون لدى الطرف الآخر ما يقايض به في المقابل.

بعد نظام المقايضة، ظهر نظام يعرف باسم «نقود المحاسبة» وفيه يتم اختيار سلعة متاحة لدى الجميع، لتصبح معيارا في عمليات المقايضة.

وبعد فترة طويلة من استخدام هذا النظام، ومع زيادة المعاملات التجارية بين المجتمعات المختلفة، تم اللجوء لنظام أسهل وهو شراء السلع، مقابل المعادن النفيسة كالذهب والفضة.

وكان العاملون في مجال صناعة العملات المعدنية يطلق عليهم «الصيارفة» كانوا يجلسون على طاولة خاصة بهم تعرف باسم «بانكو» ومن هنا جاءت كلمة «بنك» التي تطلق على المؤسسات المالية اليوم.

ومن الملاحظ أن إيطاليا كانت من الدول السباقة في مجال البنوك، حتى أن أقدم بنك قائم إلى اليوم هو بنك إيطالي اسمه Banca Monte dei Paschi di Siena والذي تأسس في مارس 1472م. وبسبب انتشار الحروب، وعصابات السلب المتخصصة في الهجوم على التجار، وسلب ما معهم من ذهب وفضة، لجأت الدول حينها لإنشاء مؤسسات متخصصة في حفظ الذهب والفضة، مقابل أوراق يتم إعطاؤها للمودعين.

ومع الوقت بدأ المودعون في تبادل هذه الأوراق بين بعضهم البعض، كدليل على ملكية الذهب. ومن هنا بدأ أول شكل للأموال الورقية التي نستخدمها اليوم.

ولفترة طويلة كان ما مع كل شخص من أوراق نقدية «عُرف اسمها باسم البنكنوت نسبة إلى كلمة بنك» يعبر عن مقدار ما يملكة من ذهب وفضة.

حتى تقدمت المجتمعات واختفى التعامل بالذهب والفضة تماما، لتحل الأوراق النقدية محلها. بعد أن تحولت البنوك لمؤسسات، وظيفتها هي تخزين الأموال، ومن ثم إقراض الأشخاص والمؤسسات، وحتى إقراض الدول نفسها، وكلما تطورت المجتمعات تطورت البنوك وطريقة عملها،حتى ظهرت البنوك ذات الفروع الدولية، والتي تمكن المودعين فيها من التعامل مع أموالهم من أي مكان في العالم، بفضل شبكة فروعها.

حتى ظهرت كروت الدفع بأنواعها. مثل الكروت مسبقة الدفع Prepaid Cards أو المرتبطة بالحساب Debit Card التي يتم التعامل بها إلكترونيا، حتى ينفد رصيدها الذي يتم ايداعه مسبقا.

أما كروت الدفع الائتمانية Credit Cards التي يمكن استخدامها في المدفوعات والسداد في المستقبل، بضمان ما يودعه العميل من شهادات أو ودائع في البنك.

مرت تلك الكروت بأنواعها المختلفة بالعديد من التطورات، التي جعلتها اليوم عصب التعاملات المالية. إلى أن ظهرت العملات المشفرة، مثل بيتكوين وهي أحدث ما ظهر في عالم النقد، حيث تنتقل الأموال من جهاز كمبيوتر إلى آخر، بشكل مشفر تماماً، وغير قابل للتعقب من أي شخص أو مؤسسة.

و تعتبر بتكوين أشهر العملات الرقمية، لكنها ليست الوحيدة، بل هناك عشرات العملات الإلكترونية التي يتم تدشينها يوميا. ويوما بعد يوم تعترف المزيد من الدول بالتعاملات الإلكترونية،ومنها السلفادور التي تعتبر أول دولة تعترف رسميا بالبتكوين كعملة لديها.