تنفّس جاك ومايكل وجورج الصعداء بعد إعادة التيار الكهربائي إلى أروقة السفارة الأمريكية في العاصمة بغداد، بعد انقطاع وإبعاده عن البث، ما جعل أعضاء السفارة يشعرون بالارتياح لهذا الرجوع وبفولتية عالية ربما ستسبب لهم لاحقاً احتراق وإحراق الجميع، وعلى الرغم من أن التيار الكهربائي يتلاعب بمصير السفارة والجميع، فمرة يقلل من قوته في البث، ومرة يهرب إلى الأمام، ومرة نراه ينشط ويحرق الأسلاك جميعها، وكل ذلك من أجل أن يثبت وجوده كتيار على الرغم من أنه كونه تيارا ذات أدوات وأسلاك مهترئة لا تصلح أن تنير الطريق للمارة، ولكنه في نفس الوقت فقد قدرته على إنتاج الطاقة ما يجعله يحرق الآخرين، وأهمهم جيران السفارة، والذين تسعى الأخيرة بشتى الطرق إلى حرقها أو جعلها في ظلام دامس.

الشعب العراقي تعود حياة الظلام، ويبدو أنه لا يريد مغادرتها، ولا يريد أن يرى النور طريقه أو طريق حريته، وهذا الأمر التبس على الجميع في معرفة براعة هذا التيار على إدارة الطاقة وطريقة توزيعها، وعلى الرغم من الأساليب الخبيثة التي يمارسها القائمون على إدارة الطاقة في التيار الكهربائي، إلا أنهم غير واعين تماماً بأن الكهرباء هي نعمة للجميع وينبغي عليهم أن يكونوا أداة لبث النور في العراق بدل الظلام.

الشعب العراقي بعد انتخابات 10/10 أثبت نظرية أن الفاسد ينبغي أن يكون في المقدمة، فلا مكان لغير الفاسد في عراقنا الجديد، ولا مكان لأي صوت يعلو على صوت الفاسد والسارق والقاتل الذي استباح دماء الناس بلا وجه حق، لذلك ووفق المقولة المشهورة «كيفما تكونوا يولى عليكم» سيكون لزاماً على العراقيين القبول بنتائج الانتخابات وما أفرزته من صعود تيارات وأحزاب نفسها حكمت العراق منذ2003، دون أي تغيير يذكر، بل إنها كانت الغطاء الذي عملت وتعمل فيه مافيات الفاسد وعصابات الجريمة المنظمة في سرقة قوت الناس وأرزاقهم، فبعد أن سرقوا مستقبلهم ذهبوا إلى أكثر من ذلك، أرزاقهم وقوتهم اليومي، وصاروا يشاركونهم حتى في مصيرهم ومستقبلهم. أعتقد.. لا تعليق لما جرى من انتخابات عكست واقعاً مؤلماً يعيشه الشعب العراقي، وقد اختار أن يكون مطيةً للأحزاب والتيارات التي ألبسته ثوب الطاعة لها من غير تشكٍ أو وجعٍ.


وعلى المجتمع العراقي عموماً أن يقبل بواقعه القادم، وأن يتقبل أن المستقبل من صنعه هو، فلا يمكن تغيير واقع الإنسان بمعجزة بل إن الواقع يتغير بإرادة المجتمع نفسه، ولا يفيد بعد ذلك الندم «ولات حين مندم».