في ليلة حالكة الظلمة كنت مرتقبا الصباح للقيام بأمر مهم، تذكّرت الآية الكريمة: «أليس الصبح بقريب»؟ وتمعّنت فيها حرفا حرفا، وأطلت التفكير إذ إنها تحتوي على ثلاث كلمات وحرفين حرف «الألف» الاستفهامي الذي غيّر كل الكلمات إلى سؤال، ولو لم يكن ما كانت الجملة سؤالًا !.

وحرف الجر «الباء» الذي جرّ كلمة «قريبٍ» ولو لم يدخل لكانت الكلمة «قريبًا» خبر «ليس».

لستُ هنا بصدد إلقاء محاضرة لغويّة عن النحو!، ولكن تدبري لهذه الآية ذهب بي بعيدا لأتفكّر، أتساءل.. كيف لحرف واحد أن يغيّر مسار الكلمات وهي ذات قواعد نحو راسخة حتى تكون هي على قاعدته؟!.

اللغة العربية الفصحى التي نزل بها القرآن عظيمة في قواعدها دقيقة.

أخذت من هذا أن السّعي بما تهيّأ من جهد في القضايا الكبيرة أو المهمات ذات الطابع الصعب يغيّر مسارها نحو هدفك المأمول، ولو كان الجهد يسيرا، فأصبحت في يوم مليء بالأمل مفعم بالتفاؤل والعزم -بفضل الله تعالى-، فقمت بعملي وزالت الغمّة، ولاحت البشائر في أفق الأمر، وانطفأ الجمر.

إنّ في بعض القياس - أحيانًا- مُخذّلا فإذا طُلب منك تكرار محاولة أخرى في أمرٍ ما، الطريقة الأولى نفسها التي فَشِلت، إيّاك أن تقول: «جربتها من قبل ولم تنجح !»، فهذا القياس منافٍ للأملِ موافقٌ لليأس، نعم.. إنها هي طريقتك الأولى في الأداء، ولكن ربما يختلف مستقبلها، أو مكانها أو فاهمها، فتكرار الفشل مع العزم هو من طرق النجاح التي عبرها مجربوها، بشكل عملي مشهود، فالإنجازات البشريّة غالبا ما تسبقها محاولات فاشلة متكرّرة، تتحسن نتائجها تدريجيّا كل مرّة حتى تكون كلها أو جلّها حسنة.