ترجع نشأة الإدارة بمفهومها الحديث، اليوم، إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر مع ظهور المجتمعات الصناعية، إذ نادى المفكرون حينها بضرورة وضع إطار تنظيمي لعلاقات الأفراد الاجتماعية والاقتصادية الضرورية، على أن يكون للحكومات دور في وضع التشريعات والنظم الكفيلة بحماية هذا النوع من التنظيم.

من هنا انطلقت فكرة تأسيس نظم إدارية مؤسسية، تنظم وتقنن وتوجه وسائل ومناهج الإنتاج والمعاملات في عالم المال والأعمال.

وتبعا لتلك التطورات الأولى من نوعها في سياق التاريخ المعاصر، بدأت نظريات الإدارة التربوية تتشكل وتأخذ طابعها الخاص، مستفيدةً من إرث بشري طويل جدا منذ بدأت مسيرة الإنسان على هذه الأرض، وما تخلل تلك المسيرة من نمو تدريجي في الفكر الإداري.

حضارات بابل، ومصر وغيرهما من الحضارات الأخرى، كانت خير شاهد على وجود الفكر التنظيمي الإداري مبكرا جدا، إلا أن الإدارة في تلك العصور القديمة لم تحظ بالتسجيل بالقدر الذي نالته مفاهيم وأدبيات ونظريات الإدارة في عصرنا الحديث.

ويمكن إرجاع التجربة الأولى في دراسة الإدارة الحديثة على أسس علمية ومنهجية لفريدريك تايلور في كتابه مبادئ الإدارة، ثم ما لبث مفهوم الإدارة الحديثة أن تطور بشكل متسارع بعد الحرب العالمية الثانية، إذ أصبح أكثر شموليةً، حيث تناول المفكرون عناصر الإدارة ووظائفها وأهدافها.

يذكر أن الإدارة لا تعتبر فكرا جامدا، فهي شريك حياتي لنا في يومياتنا دون مبالغة، فليس ثمة شيء نقوم به في حياتنا اليومية لا يندرج تحت مفهوم الإدارة، فالذهاب للمسجد يتطلب إدارة وقت، والزواج يتطلب إدارة حدث، وحتى هدايانا لوالدينا في المناسبات تتطلب إدارة مال ووقت وحدث.

ولذا فإن تدريس الإدارة الحديثة بشكل رسمي في مدارسنا ولطلبتنا، أو بشكل خاص عبر المعاهد الخاصة ، أمر حيوي جدا للانتقال بالجيل الحالي إلى مرحلة مستقبلية تكون الإدارة فيها أسلوب حياة عندهم، فلا حياة من دون إدارة، ولا نجاح من دونها.

وكم هو جميل أن ننظر إلى عناصر حياتنا المتغيّرة وفق سنن الله من منظور إداري! كم هو جميل أن نضع لحياتنا مقاسات مدروسة ومرسومة وفق مناهج الإدارة الحديثة كلما أمكننا ذلك، وكلما سنحت لنا الفرصة، وكلما كانت بيئتنا الحياتية عنصرا مساعدا في هذا الاتجاه!.

كم جميلٌ حقا أن نرى طفلا صغيرا يدير يومياته بنظام وتنظيم ويحقق نجاحات منذ نعومة أظافره!. الإدارة فن وفكر وعلم وثقافة وتاريخ طويل. إنها الجندي المجهول في تاريخ الإنسان الذي ربما لم تعطه كتب التاريخ حقه جيدا.

إنها عنوان ذلك الصرح الذي نسميه النجاح والريادة، فلا نخطئ العنوان لنا أو لأبنائنا لأن العنوان واضح لكل من عرف إلى أين يسلك، وفي أي طريقٍ يسير ليصل إليه.