لا يجافي المرء الحقيقة حين يقول: «أهل القصيم ذواقة للطعام، يجيدون انتقاء الجيد منه، ويحسنون تقييم جودته».

ولأنهم تجار، سافروا في عرض الدنيا وطولها، فقد جلبوا معهم العديد من الأطعمة من البلدان التي زاروها ووصلوا إليها، ولزموا الجيد والمفيد منها، ومنها «قرص عقيل» الذي استورده رجال العقيلات من بلاد الشام، فانتشر في «نجد»، وتجاوزها وصولا إلى الكويت والبحرين، وبات اليوم مدار التسابق والجوائز في المهرجانات، ومنها مهرجان العقيلات لمزاد الإبل بمنطقة القصيم، الذي أطلق مسابقة «قرص عقيل» ضمن أنشطته.

مستورد يتحول إلى تراث

يعد «قرص عقيل» من الأكلات التراثية القديمة التي انتشرت في «نجد»، ولا يزال لها رواجها وانتشارها في المهرجانات، وما زالت تقدم للضيوف والسياح كوجبة غنية بمحتوياتها.

يقول عبداللطيف الوهيبي، أحد المهتمين بتاريخ العقيلات صاحب متحف العقيلات في مدينة «بريدة»: «قرص عقيل ثقافة جُلبت من بلاد الشام عن طريق رجال العقيلات، وهم تجار من القصيم كانوا يرحلون إلى الدول المجاورة، وتنامت لديهم ثقافة جلب الأطعمة من البلدان التي يزورونها، ومن هذه الأطعمة التي جلبوها قرص عقيل، وهو عبارة عن كيكة تصنع في إناء حديد تحته جمر وفوقه جمر، فلا يلاصق الجمر العجين».

وأوضح: «يضم القرص في مكوناته السمن والدقيق البر، ويحلى بالسكر أو التمر مع البهارات، ومنها الهيل».

وأضاف «الوهيبي»: «انتشر قرص عقيل انتشارا واسعا في نجد، وامتدت شهرته حتى بلغت الكويت والبحرين، وهو من الأطعمة المهمة لدى العقيلات، حيث كان هذا القرص يرافقهم في رحلاتهم، خصوصا أنه مادة غذائية مهمة. كما أن جودته وتحمله ظروف الأجواء الصعبة التي كانوا يمرون بها، دون أن يتعفن حتى وصولهم إلى وجهتهم، جعلته مادة مهمة وأساسية في ترحالهم».

تطورات تشغل الأفران

من جهته، قال المرشد السياحي عبدالعزيز الهديب: «قرص عقيل أساسي في غذاء السياح عند زيارتهم القصيم، وهو من الأكلات الشعبية التي تأتي في المرتبة الثانية، بعد «الكليجا»، من حيث تقديمها للسياح وزائري المنطقة».

وأضاف: «تطور قرص عقيل في وقتنا الحاضر، وأصبح يُعمل في الفرن بدل الجمر. كما أضيفت له النكهات والمُحليات، وبات يأتي بأحجام صغيرة بدلا من حجمه السابق».

وأوضح «الهديب»: «يتميز قرص عقيل بأنه يعطي قوة وطاقة، لوجود الدقيق الأسمر به الذي يعطي سعرات حرارية تفيد رجال العقيلات في سفرهم الطويل، وتعوضهم عن جهدهم الشاق الذي يبذلونه خلال رحلاتهم خلف تجارتهم».

تسابق إلكتروني

يُعرف «قرص عقيل» في بلاد الشام، حيث تعود أصوله إليها، لكنه يحمل في الغالب مسمى «أقراص العيد»، إذ تعده ربات المنازل في بيوتهن قبيل ليلة العيد، وتفوح رائحته خارج المنازل وكأنه علامة إضافية لاقتراب العيد، حيث يقدم لأهل البيت والضيوف، ويتم تناوله مع القهوة والشاي، وقد يبقى لأيام بعد العيد، حيث غالبا ما تتم تغطيته بعد تبريده إثر خبزه، فيحتفظ بجودته وحتى ليونته، ويقترب من الهشاشة فترة طويلة.

تتسابق المواقع الإلكترونية المتخصصة في الطبخ على التنافس على تقديم طرق إعداد «قرص عقيل»، وإن كانت جميعها قد مالت نحو إعداده بطرق تختلف عن حاله في السابق، فلم يعد الجمر يستخدم في إنضاجه بل صارت المواقد، ولم يعد حجمه كبيرا كما كان حين كان رجال العقيلات يصحبونه معهم في أسفارهم، حيث كانوا يحرصون على أن يكون حجمه كافيا، ليكون مؤونة السفر.

طريقة حديثة لتحضير «قرص عقيل»

ـ تسخين الفرن إلى درجة حرارة 180م

ـ تثبيت الرف الأوسط للفرن

ـ إحضار قوالب «كب كيك» صغيرة

ـ وضع كؤوس ورقية فيها

ـ يمكن الاستعانة بقوالب كيك صغيرة مفتوحة من الوسط مع دهنها بالسمن

ـ ينثر في القوالب بعض السمسم

ـ يوضع «الزعفران» في الحليب، ويترك بضع دقائق حتى يصبح الحليب بلون الزعفران

ـ في طبق عميق، يخلط الدقيق والبيكنج باودر والملح، ويضاف الهيل

ـ يتم تقليب الخليط في الوعاء مع إضافة السكر والبيض

ـ تثبيت المضرب الشبكي، وتشغيله على سرعة متوسطة 4 - 5 دقائق

ـ تشغيل المضرب يضاعف حجم الخليط، ويصبح لونه أصفر فاتحا

ـ يضاف الزيت بهدوء على جانب الوعاء مع الخفق بهدوء، ليختلط الزيت بخليط البيض

ـ إضافة نصف كمية خليط الحليب والزعفران (النصف الباقي سيستعمل لعمل الصلصة)

ـ إضافة الدقيق والتقليب بملعقة بلاستيكية بهدوء مع التأكد من الوصول إلى القاع عند التقليب

ـ الاستمرار في التقليب فقط إلى أن يختفي الدقيق

ـ ينصح بعدم الإكثار من التقليب، كي لا يفقد الخليط الهواء المتكون عند خفق البيض

ـ وضع خليط الكيك في كيس بلاستيك كبير

ـ توزيع الخليط من الكيس في القوالب

ـ وضع كمية من السمسم المحمص

ـ الخبز 12 – 15 دقيقة إلى أن تكتسب الأقراص لونا ذهبيا

ـ إخراجها من الفرن وتركها حتى تبرد على شبك معدني 5 دقائق

ـ إخراج الأقراص من القوالب، وتركها تبرد تماما

ـ في وعاء عميق، يوضع السكر الناعم مع إضافة بقية خليط الحليب والزعفران بالتدريج، والتقليب للحصول على صلصة سميكة

ـ في النهاية، يتم ترتيب الأقراص في طبق تقديم مع توزيع الصلصة بشكل خطوط على سطحها، وتركها تجف تماما قبل التقديم