ما حدث في الـ«ريتز كارلتون» بالرياض، لمكافحة الفساد، حدث قانوني فريد، وسياسة جنائية شمولية، تنظر لواقع قضايا الفساد المالي وصعوباتها، فكانت ضربة استباقية قانونية محكمة.

إن ما يقوم به نساء ورجال هيئة الرقابة ومكافحة الفساد ورئاسة أمن الدولة، كل في اختصاصه، أمر مشرف تجاه قضايا الفساد وأمن الدولة، وأعتقد جازما أننا بحاجة لقانون سعودي للتسوية الجنائية في مثل هذه القضايا، ليعطي الجهات التنفيذية المختصة صلاحيات أوسع في محاربة هذا النوع من الفساد المالي، الذي يتطلب تحركا سريعا يضمن عدم خروج أموال عصابات الفساد خارج أرض الوطن، ويكفل، في الوقت نفسه، حقوق المتهمين، ويضمن عدم تعسف هذه الجهات، فالقانون في نهاية الأمر يوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية من جهة، ويحمي الأطراف الأضعف من جهة أخرى، وإن كانوا متهمين في جرائم شنيعة، تمس الاقتصاد الوطني، وتضر بمصلحة الفرد والمجتمع.

جرائم الفساد المالي جرائم جنائية مركبة، يعني ذلك أن الجريمة الأصلية مثل اختلاس من مال عام، تتبعها جريمة غسل الأموال، ليكون للأموال سبب مشروع لوجودها. ولهذا، فإن وجود قانون محكم أمر لا بد منه، بل إن هذه الجرائم عابرة للقارات بحكم الأموال الطائلة والأصول المتورطة، ولهذا فلربما يكون للقانون المقترح استثناء من مبدأ «إقليمية القانون» على أراضيه، فيمكن اتهام أي مواطن ومقيم له علاقة في قضية فساد، حتى لو كان خارج أرض الوطن، وهذا ليس الاستثناء الوحيد، حيث جاء قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بذلك في مادتيه الرابعة (الفقرة الأولى) والسابعة (الفقرة الأولى).

إننا نعيش ازدهارا قانونيا منقطع النظير، حيث شرعت خلال سنوات قليلة عشرات القوانين واللوائح، وإننا اليوم بحاجة لقانون للتسوية الجنائية في قضايا الفساد، ويكون مترجما للغة الإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية، وهذا جزء من جهود هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، ليعلم العالم أجمع أننا دولة قانون أولا وأخيرا.