يعد قصر الشيخ سعيد بن مشيط التاريخي، بقرية ذهبان بمحافظة خميس مشيط، أحد أقدم القصور التاريخية بمنطقة عسير، فقد كان شاهدا على أحداث ومناسبات مهمة، إضافة إلى أهميته التراثية والمعمارية، حيث بقى صامدا طوال الأعوام الطويلة الماضية، إلا أن الزمن جار عليه، فتهدمت بعض أجزاء منه ووقعت بعض جدرانه المحيطة به، مما حدا بالشيخ عبدالعزيز بن مشيط، محافظ خميس مشيط سابقا، بإعادة ترميمه ليبقى علما بارزا يحمل ذكرى أجداده، وليساهم في حفظ ما تبقى من تراث وموروثات هذا الجزء الغالي من بلادنا.

قصر ذهبان «مشرف»:

من كتاب الشيخ عبدالعزيز بن مشيط أنشئ هذا القصر حينما آلت قيادة قبائل شهران، إلى الشيخ عبدالعزيز بن حسين ابن مشيط، فقرر الانتقال من «نعمان» إلى «ذهبان» ليكون قريبا من السوق، فبدأ في عام «1287 / 1879م» ببناء قصره المسمى «مشرف» والمكون من خمسة أدوار من الطين. وألحق به عدة ملاحق ومجالس، واصطبلا للخيول، وسجنا، وغرفة للموالي وعوائلهم، وبئراً و مسجدًا جامعًا تؤدي فيه الصلاة المكتوبة.

وصف القصر:

قال سليمان شفيق باشا في وصف القصر «مذكراته». «استرحنا قليلا ساعة الظهر، ثم واصلنا السير حتى وصلنا إلى جوار «حمومة» في ساعة المغرب، فأنزلت جنودي فيها، ثم ركبت جوادي وتوجهت بسرعة إلى وادي شهران، الواقع في الجانب الشرقي من «حمومة» لأكون في ضيافة عبد العزيز ابن مشيط، شيخ قبائل شهران، لأن له منزلا عظيما في قرية «ذهبان» ذا خمس طبقات محاطة أطرافه بسور، وهو يبعد ساعتين عن المكان الذي أنزلت فيه العسكر، وإنما آثرت المجيء إلى هنا بسرعة - على أن يلحق بي الجند في صباح اليوم الثاني - لأن منزل عبد العزيز ابن مشيط بسبب علوه تظهر منه مدينة أبها قاعدة الحكومة، ويمكن أن ترى من سطحه آلة المخابرة بالأنوار الموجودة في أبها، والمسافة بين قرية ذهبان وبين أبها ثلاثون كيلومترا فقط.

ويصف فلبي في كتابه «مرتفعات الجزيرة العربية» قصر ذهبان الذي زاره، فيقول: كانت الغرف التي رأيتها - بما فيها غرفة الاستقبال- مزخرفة بإحكام بالطراز العسيري للفن، وكانت الحديقة كبيرة وواسعة. ويضم القصر عددا من الغرف، من أهمها غرفتان كبيرتان للاستقبال، ويلحق بالقصر عدة مبان متعددة الاستعمالات، وتوجد في القصر عدة فتحات، يستطيع الناظر من خلالها أن يرى كل ما حوله من جميع الجهات، وفي فناء القصر توجد عدة مدافن للحبوب عميقة بعض الشيء، كانت تحفظ الحبوب فيها عاما أو يزيد. كما يلحق بالقصر عدة أماكن مخصصة للخيل، وأماكن أخرى للجمال والبقر والأغنام.

أهمية القصر التاريخية:

يمثل قصر «مشرف» أهمية تاريخية خاصة في تاريخ وطننا الحبيب حديثا، فقد شهد حدثا تاريخيا ارتبط ببدايات إعلان ولاء منطقة عسير، لباني النهضة الحديثة في البلاد، الملك عبد العزيز طيب الله ثراه. كما شهد هذا القصر استقبال عدد من أصحاب الجلالة الملوك، وأصحاب السمو الملكي الأمراء والوزراء، وأصحاب الفضيلة العلماء وشيوخ القبائل والقضاة، ممن كان لهم بالغ التأثير في مسيرة التنمية في وطننا الغالي.