تعتبر عملية الإرشاد النفسي للأطفال من المهام المحورية للأسرة والروضة التي تعتبر المؤسسة التربوية المنوط بها تنمية جوانب شخصية الطفل النفسية والجسمية والعقلية والاجتماعية، وذلك من خلال مساعدة المختصين في هذا المجال. ولعل الحديث عن البرامج الوقائية بالدرجة الأولى هي نقطة اهتمام الآباء والمدرسين لانتشار العديد من المشكلات النفسية لدى الأطفال وتظهر عليهم بعض الأعراض منها العصبية.

ومما لا شك فيه أن الأسرة تؤثر في شخصية الطفل تأثيرا كبيرا فنوع العلاقات السائدة بين الأبوين وبينهما وبين الأطفال يحدد إلى مدى كبير أنواع شخصيات الأطفال لأن الطفل يتفاعل مع مجتمع الأسرة أكثر من تفاعله مع المجتمعات الأخرى خصوصا في سنوات الطفولة المبكرة، ولا ينفصل في مشاعره عن الأسرة ،فالطفل يكون فكرته عن نفسه في بادئ الأمر من علاقته بالأسرة فقد يرى نفسه محبوبا ومرغوبا فيه، وقد يرى نفسه منبوذا وغير كفء، ثم ينشأ راضيا عن نفسه أو ساخطا عليها، فتسود حياته النفسية التوترات والصراعات.

ويرى بعض العلماء أن أسباب عصبية الأطفال وقلقهم النفسي ترجع إلى الشعور بالعجز والشعور بالعداوة والعزلة نتيجة حرمانهم من الدفء العاطفي في الأسرة، وعدم إشباع الحاجة إلى الشعور بالحب والقبول وتسلط الآباء.

ومن أمثلة تلك القسوة التفرقة بين الأبناء أو تفضيل نوع على آخر وعدم وفاء الآباء بوعودهم للأطفال وحرمانهم من الحاجات الضرورية.

ولعل أهم أعراض عصبية الأطفال هو انعدام الاستقرار والحركات العصبية اللاإرادية، مثل قضم الأظافر أو مص الأصابع أو رمش العين وهز الكتف من وقت لآخر، كذلك كثرة أحلام اليقظة وسهولة الاستثارة والبكاء والثورة والغضب لأبسط الأسباب، والعدوانية تجاه الآخرين.

وقد تكون هنالك أسباب عضوية مثل اضطرابات الغدة الدرقية والزوائد الأنفية والإصابة بالديدان.

الجدير بالذكر، أن كثيرا من عصبية الأطفال يكتسبونها عن طريق تقليد الوالدين، فالأم العصبية أو المدرسة الثائرة تعلم الطفل العصبية والتهور، فالأم المتسلطة تصبح مصدرا ثابتا لمضايقة الطفل فيقاومها في كل شيء.

ويأتي هنا دور الإرشاد النفسي بتوجيه الوالدين إلى إهمال هذه الحركات العصبية التي يقوم بها الطفل للتخلص من التوتر الذي يشعر به ،وعدم تعزيزه بالانتباه لها أو بزجره أو الهزء به، وعدم التدخل في شؤون الطفل كلما أمكن، مع إشباع حاجاته النفسية بالشعور بالحب والأمن والتقدير من خلال تعزيز ومكافأة السلوكيات الإيجابية التي يقوم بها لزيادة ثقة الطفل بنفسه، وخلق حوارات بصورة مستمرة مع الطفل للتعرف على ما يقلقه، ومساعدته على التخلص من التوترات العصبية لتطوير مشاعره الإيجابية نحو احترام الذات.

وهنا يجب توجيه معلمة الروضة إلى البعد عن الممارسات السلبية التي من شأنها تقليل احترام الطفل لذاته، مثل رفض قضاء بعض الوقت مع الطفل، أو فعل ذلك بتأفف والإيحاء للطفل بأن نشاطاته ليست ممتعة، أو الإشارة إلى أن مظهره الخارجي يدعو إلى الاستهزاء، أو التعبير عن الازدراء بمحيط الطفل أو وضعه العائلي، أو عدم تقدير قدرات الطفل والتركيز على المهارات التي لا يستطيع الطفل القيام بها، أو استخدام أسلوب تأكيد السلطة لتحقيق النظام.

وحث المعلمة والأبوين لتعويد الطفل على أسلوب الاستنتاج الذي يشجعه على تحمل مسؤولية عمله، وذلك لإدراكه لأثر سلوكه في الآخرين.