في مجتمعنا القبلي قبل توحيد المملكة العربية السعودية كان لشيخ القبيلة دور بارز في كل ما يخص قبيلته في كل جوانب الحياة، وكان دورهم بارزا في زمنهم وخلدت أسماء كثيرة في الكرم والشجاعة والمروءة والنخوة التي كانت سمة من سمات أهل الجزيرة العربية بشكل عام، وبعد توحيد المملكة وبالأخص عندما منحت الجهات المختصة شيخ القبيلة ختما رسميا يحمل شعار وزارة الداخلية، كان من أجل إضفاء طابع الرسمية على المهام المحددة بدقة التي يستخدمون فيها الختم، والمتمثلة في التصديق على الأوراق والوثائق والاستمارات الخاصة بالجهات الرسمية فيما يخدم المواطن والمقيم.

لكن رأينا هذه الأختام أصبحت أداة يعمل بها في الكثير من المواضيع غير القانونية وهي كثيرة جداً، ناهيك عما سببته تلك الأختام في فترات ماضية من إثارة العداوة والبغضاء بين الكثير من الأسر والعوائل والقبائل، بكوني داخل تلك المجتمعات وعاصرت تلك المشاكل التي سببتها تلك الأختام من كراهية ومنافسات، وحزازات بين أبناء العمومة أو بين أفراد القبيلة أو المجتمع بشكل عام إما بسبب رفضهم منح الختم لشخص بعينه، أو لاعتقاد البعض بأنه الأحق بهذا الختم، وغيرها من الأمور التي سببت الكثير من العداوة والبغضاء لأجيال مضت طيلة العقود الستة الماضية، علما بأن القبيلة أو القبلية لم تعرف في الماضي ما يسمى بالأختام الحديثة.

الأختام وضعت لغرض معين وباعتقادي، والذي يعتقده الكثيرون، أن هذا الغرض قد مضى زمنه وولى عهده، فنحن الآن نعيش في زمن رقمي متطور ومجتمع مدني عالي الإدراك والمسؤولية، فالأوراق التي كان يتم تختيمها من قبل هؤلاء الذين يحملونها تحت مسمى (شيخ قبيلة) وجميع الإجراءات الطويلة أصبحت الآن متاحة عبر ضغط زر في كل هاتف محمول يحمله كل مواطن في أي مكان وزمان، وأصبح دور هذه الأختام هو التباهي والمفاخرة المجتمعية رغم أنها أصبحت بلا أي فائدة تذكر.

نتساءل: هل ما زال لها دور في مجتمعنا؟ وهل إلغاؤها وجعلها من الماضي مفيد؟ بدوري أنا سأجيب من وجهة نظري. ليس لها دور أبدا إلا في إثارة النعرات والمنافسة والحزازات والتباهي الأعمى، بل جلبت لنا أمورا مجتمعية غير محمودة كجمع الديات بعشرات الملايين، وأيضا سداد الديون الذي لا نعلم مدى صحتها، والأدهى والأمر يُصادق لأشخاص ويُهمّش آخرون على حسب مزاج حامل الختم!؟، إلغاؤها سيعيد الألفة وسيزيح ويبعد الكراهية والبغضاء، وسيبقى الشيخ شيخا بفعله وتاريخه في فعل الخير ونبذ كل ما من شأنه إثارة فتنة ظاهرة كانت أو باطنة، فوجود تلك الأختام يرى البعض أنه إجحاف لكون هناك شيوخ كثيرون ولهم تاريخ طويل لا تحجبه الشمس لا يحملون تلك الأختام.

فالحل الأنسب والأكثر جدوى هو إلغاؤها جميعا. وسيبقى كلٌ على قدره وعلو مكانته، وليس لأختام لم تجلب لمجتمعاتنا إلا كل ما يضرها خصوصا أنها في زمن ليس بزمانها ومجتمع لم تعد مناسبة له، فإلغاء تلك الأختام ضرورة مجتمعية في ظل المجتمع المدني، وتلك الأختام التي تحمل اسم قبائل أو عوائل أو أُسر تتعارض مع المجتمع المدني الجديد، من وجهة نظري البسيطة ، والتي ليس بالضرورة أن تكون صائبة.فما رايكم؟.