المهنية في الأداء ليست حكرا على مستوى معين دون آخر، بل إنها مطلب يجب أن يُرافقنا كلما ارتفعنا للإدارات العليا، حيث يُشكل سلوك القائد مفهوم القدوة، وقد يُؤطر صورة كاملة عن المكان الذي يقع تحت مسؤوليته.

وككل العلوم، فإن علم الإدارة بمجالاته الواسعة يخضع للتغيير المستمر، لمحاكاة الوتيرة السريعة في التطور، وتعدد أنماط الحياة.

وعلى الرغم من أن المرونة واسعة، فإنها بمفهومها الفضفاض قد تكون سلبية، فقد تعني التساهل في حين أننا قصدنا التبسيط، وقد تعني نبذ التقليدية في حين أننا فضلنا الديمقراطية لا أكثر.

وكوني من الطاقات التي تتفهم كل ما يحدث في بيئة العمل من تجاوزات، قد تتعارض مع مفهوم الاحترافية بشكل أو بآخر نتيجة محاولة مواكبة ركب العصرية في العمل، لكن ما لم ولن أفهمه هو التدخين في أثناء الاجتماعات ولقاءات العمل الرسمية في المكاتب وقاعات الاجتماعات.

هي ظاهرة لا تعني الحداثة ولا المرونة ولا تعكس مفهم الديمقراطية. هو فعل شنيع في حق المكان والعمل.

هو قتل للاحترام مع سبق الإصرار والترصد. هو انتهاك صريح للحقوق، كون الشخص المقابل يرفض أو لا يمارس هذا السلوك الشخصي، الذي يتوجب ألا يتجاوز كونه كذلك، فمن المفترض أن يُمارس على انفراد أو في أماكنه المخصصة.

فحتى لو اختلف شكل السيجارة، وتغيرت رائحتها، وانتقلت من الاحتراق بالشعل إلى الشحن الكهربائي، وتطورت حتى أصبحت إلكترونية، إلا أنها ما زالت وستظل سلوكا خاطئا وغير صحي، له مكانه المخصص.

هو خيار لا يُفرض على الآخرين، وكثرة ممارسيه لا تعني صحته أو شرعيته، والسؤال القائم: ما الذي تتوقعه مني حين تدخن سيجارتك اللعينة في أثناء اجتماع رسمي؟!.

الاحترام، والشعور بمهنيتك، أو لمس احترافيتك في العمل مع تجلي مرونتك، أوصاف بعيدة كل البعد عنك وعن سلوكك غير اللائق. ربما أبدو في هذه النقطة تقليدية في زمن يمقت التقليديين ويُجرمهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون كل التغييرات تغييرات صحيحة.

كما أن المواكبة لا تكفل لك دوام الصواب، وكثيرا ما يخطر في بالي تعنيف لفظي، أود تطبيقه يدويا لو أنني أملك الخيار، لكنني سأبحث عن مخرج إيجابي كالعادة في أن هذه الظاهرة المتكررة تختبر مدى صبرنا.

هي تمرين لاختبار مستوى ضبط النفس بين الحين والآخر.

فبدلا من كوني أتمنى أن أدخلها في حلقك صفعا، إلا أنني أتجاهلك وكأنك شفاف، على الرغم من أن مهنيتي حينها تحتم ظهورك الجليّ، الذي كنت حريصا على أن تُلغيه بسيجارة.