في البدء علينا أن نقر أن حق الانتخاب في الديمقراطية هو حجر الأساس فيها؛ لأنه الوسيلة التي تمنح الشرعية للحاكم أو لإدارة المؤسسات لخدمة الشعب. أن استعمال حق التصويت هو البذرة الأساسية والمساهمة في بناء الديمقراطية، وأكثرها تأثيرا على مستقبل الحكم، المهم أن يتجه إلى صناديق الاقتراع أكبر نسبة من المواطنين لاختيار من يمثلهم لتسيير دفة الحكم، لكن الكثرة من الناس ليست دائماً كافية للمساهمة في بناء هذه الديمقراطية.

هناك كذلك نوعية التصويت، بما أنه يمكن أن ينتج عن الانتخابات تغييرات جذرية قد تقدم أو تؤخر البلاد؛ لذا من الحكمة والواجب الوطني الاطلاع اللازم على البرامج المعروضة من الأحزاب ومرشحيهم لاختيار الأفضل منهم عن معرفة، ومدى تطابق هذه البرامج مع الواقع، ومدى ما قدمه هؤلاء المرشحون في دوراتهم السابقة إن كانوا أعضاء سابقين، علينا أن نقف عند هذه النقطة لنوجه السؤال التالي.. ماذا قدمتم، وهل يمكن أن نطبق قاعدة (المجرب لا يجرب).

إن الاستخفاف بحق التصويت أو القول المألوف «صوتي الفردي لا يقدم ولا يؤخر شيئا خاطئ، ويفرغ الديمقراطية من هدفها الأساسي وهو حكم الشعب بالشعب، والسذاجة والجهل لن يوصلا إلى الحكم إلا المنافقين والشعب بأقوالهم وشعاراتهم الكاذبة، ودائما ما كانوا يضحكون على الذين يتلاعبون بالأصوات بأكاذيبهم وحيلهم وأموالهم لشراء أصوات الناخبين.

الانتخابات تضع على المحك مستوى الوعي الديمقراطي ومدى تطوره، فوجود رقابة جديّة للترشيح والانتخابات من قبل هيئات مستقلة محلية أو دولية تمنح الديمقراطية مصداقية ومكانة مرموقة في قلوب المنتخبين، مما يؤدي بالمواطن باحترام المساهمة السياسية ويقبل شرعية المرشح المنتخب. من الضروري الاقتناع بأن الانتخابات وسيلة لتبلور إرادة الشعب بشكل شفّاف، وليس هدفا بحد ذاته لصالح الأحزاب، الأحزاب هي في خدمة الشعب، وليس الشعب في خدمة الأحزاب كما نراها في كثير من دولنا العربية الديكتاتورية، التي تتظاهر وتجاهر «بديمقراطيتها» تحت رعاية ملكها أو أميرها أو رئيسها- الملكي.

لتثبيت أركان الديمقراطية، على الحكومة المنتخبة أن تفي بوعودها التي قدمتها للشعب أثناء الحملة الانتخابية، هذا ينطبق أيضا على كل المؤسسات التي فيها انتخابات، من ضرورات الديمقراطية كذلك الشفافية في تسيير أمور الدولة والحوار الدائم بين الحاكم والمحكوم عن طريق وسائل الإعلام وجملة اتصالات منوّعة، مثل حضور المرشح بشكل دوري في دائرته الانتخابية ليعي مشاكل الناس في واقعهم اليومي؛ لتكون قراراته وإجراءاته تمس مصلحة المواطن الفعلية.