العلامة ابن القيم رحمه الله من أكبر علماء المسلمين، وأوسعهم علمًا، حتى أنه يؤلف المؤلفات العميقة وهو في سفره بعيد عن كتبه وداره، قال عنه ابن رجب رحمه الله: (كان رحمه الله ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشغف بالمحبة والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله والانكسار له، والإطراح بين يديه على عتبة عبوديته لم أشاهد مثله في ذلك، ولا رأيت أوسع منه علمًا، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو بالمعصوم ولكن لم أر في معناه مثله).

وهذه جمل نافعة كتبها، رحمه الله، واستخلصتها من مطاوي كتبه، رأيت أن أعرضها لك أخي القارئ للفائدة، وهي كالتالي:

1- الإخلاص والتوحيد شجرة في القلب فروعها الأعمال وثمرها طيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وكما أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة التوحيد والإخلاص في الدنيا كذلك.

2- العبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية يوم يقول: { يا ليتني قدمت لحياتي }.

3- لا تصح لك درجة التواضع ‏حتى تقبل الحق ممن تحب وممن تبغض‏، فتقبله من عدوك ‏كما تقبله من وليّك.

4- لَا يَجتمع الإخْلاص فِي القَلب ومَحبة المَـدح والثّناء والطّمع فيمَا عنـدَ النّاس، إلّا كَما يجْتمع المَاء والنّار.

5- قد جرت عادة الله التي لا تبدل، وسنته التي لا تحول، أن يلبس المخلص من المهابة والنور والمحبة في قلوب الخلق وإقبال قلوبهم إليه ما هو بحسب إخلاصه ونيته ومعاملته لربه، ويلبس المرائي اللابس ثوبي الزور من المقت والمهانة والبغضة ما هو اللائق به.

6- إن المؤمن المتوكِّل على الله، إذا كاده الخَلْق، فإنَّ الله يكيد له، وينتصر له بغير حول منه ولا قوَّة.

7- الخذْلان: أنْ يكلك اللهُ إلى نفسِك، ويُخلِّي بينك وبينها. والتوفيقُ: أنْ يعينك الله، ولا يكِلك إلى نفسِك.

8- أغبى الناس من ضل في آخر سفره وقد قارب المنزل، وكذلك من ضل بعد أن كان مهتديا.

9- إذا خرجَت من عدوك لفظة سفه، فلا تُلحِقها بمثلها تُلقِحها، ونسل الخصام مذموم.

10- رضا الناس غاية لا تُدرَك، ورضا الله غاية لا تُتْرك، فاترك ما لا يدرك، وأدرك ما لا يترك.

11- إذا رأيت الرجل يشتري الخسيس بالنفيس، ويبيع العظيم بالحقير، فاعلم أنه سفيه، وكيف لا يكون سفيهًا من باع الجنة بشهوةٍ فانية.