في بداية الثمانينيات كنا نستمتع بما يعرضه التليفزيون السعودي من أعمال من مختلف البلدان العربية، أو ما تعرضه قناة الظهران من أعمال باللغة الإنجليزية أو المدبلجة.

كانت متعتنا في ذلك الوقت محدودة، لكن كانت أقصى متعنا في المشاهدة الروتينية، معتمدين على الهوائي في أسطح المنازل، حتى دخل (الدش) عالمنا، وأيقنا أننا لسنا وحدنا في هذا الكوكب، نعم لسنا وحدنا أيها الفنان القدير، لم يعد ما كنت تقدمه في تلك الفترة يمتعنا الآن. عندما أعطاك الجمهور لقب نجم، كان يراك فنانا مبدعا بمقاييس تلك الفترة، والظهور المتكرر في الأعمال يعطيك القبول، وببحث بسيط في عالم الإنترنت تستطيع أن تحصل على تقرير مبسط عن نشاط أي فنان في مسيرته الفنية، وحجم الشخصيات التي لعبها وتنوع فيها، فستجد اسماء أبدعوا وخلدوا في عالمنا وفي ذاكرتنا رغم بساطة مقايسنا.

وعندما اصطففنا نبحث عن المتميزين في تلك الفترة ممن لعبوا أدوارا متنوعة، لم نجدك إلا كما أنت منذ بداياتك، ولم يتطور أداؤك أبدا، وحتى طريقة نطقك للجمل في أعمالك الحالية لم تتغير، وكأننا نرى تليفزيونا في حقبة الثمانينيات!.

المناهج تغيرت يا سيدي الفاضل، لم تعد الطرق المستخدمة في الماضي تثير اهتمام جمهورك وسط هذا الزخم من أساطير الفن والأعمال العملاقة، بالمقارنة بما تقدمه حاليا لا يتناسب أبدا مع حجم التقدم والتغذية البصرية والفكرية للجمهور.

لم تتغير طريقة تمثيلك من ٣٠ سنة يا سيدي، ولم تكن فيها مقنعا أو مؤديا بسيطا بمقاييس هذا الزمن، لم ولن تلحق بزميلك، فقد حلق في السماء وأصبح أيقونة فنية يستحق التكريم والتقدير، لم يكن بقالب واحد ممل، لم تدرك التطور وكأن الزمن متوقف في بداية الثمانينيات، زميلك الآن يصافح عنان السماء بما يظهره من تنوع في الشخصيات والأدوار.

أين أنت الآن يا سيدي؟!. كل ما كتبته من أعمال لا تتلاءم أبدا مع ذوق الجمهور الصعب، جمهور الثمانينيات نضج وبدأ يتابع القنوات الفضائية، وأصبح عالم الإنترنت في كف يده، لم يعد يعتمد على الهوائي في الأسطح لكي يتابع أعمالا تليفزيونية متواضعة كما كانت حالتك في السابق.

حذو زملائك في الفن، فالكل نضج فنيا، مثلا الفنان القدير داوود حسين أذهلنا في 3 مواسم رمضانية بشخصيات لم نعتد عليها منه، أذهلنا بحجم التغير في الأداء الدرامي ولعب الشخصية الصعبة.. الفنانة الراحلة انتصار الشراح أيضا، والفنانة القديرة حياة الفهد، وعبدالمحسن النمر، وراشد الورثان، كلهم أصبحوا مدارس فنية.. أين أنت من هذا؟!.

لن تخلق جيلا بهذا الفكر القديم، ولن تصنع فنا بفنك الرتيب، لم ولن تدرك ما فاتك (المناهج تغيرت يا سيدي)، فابقى في هذا اللقب وحافظ عليه قدر المستطاع، فالجيل الحالي والقادم لن يقبل وجودك بهذا الثوب المتهالك والفن القديم، ولك في غيرك عبرة.

اعتزل وابقى فنانا قديرا كما وهبناك هذا اللقب، حفاظا على سيرتك القديمة.