أذكر فيما مضى من سنين غابرة رحلت دون رجعة، لا سيما في مناسبات المآدب بأنواعها، كان الناس يستخدمون ما يعرف بالمنشفة، وذلك عندما يفرغ الضيوف من الطعام ويقومون للغسيل تجد هناك شخصاً كبيراً أو صغيراً من المضّيفين يحمل في يده منشفة يستعملها جميع الحضور بعد غسيل أيديهم دون استثناء، وهذه المنشفة العجيبة قد تبقى معلقة فترات طويلة في كل منزل والجميع يستخدمونها عند الدخول والخروج وبعد كل وجبة وبعد كل عرق وشغلة، المهم أنها أداة يتمسح بها الكل، وبعد أن تنتهي مهمتها هذه تتحول لأي شغلة أخرى والنهاية للقمامة أكرمكم الله بلا رجعة.

والمنشفة أو البشكير أو الخاولي أو الفوطة مسميات مختلفة لكل بلد وهي لشيء واحد، وهو عبارة عن قطعة قماش قطنية نافرة منسوجة بصورة خاصة جيدة لامتصاص الماء والرطوبة تستخدم في تنشيف وتجفيف اليدين والوجه والجسم بعد الغسيل.

وذهب مفسرو الأحلام إلى أن المنشفة في المنام تحمل الكثير من التفسيرات، منها رؤية المنشفة تدل على الاستقرار الأسري وربما الزواج السعيد بأمر الله، وكثرة الفوط في الحلم رزق وولد وذرية صالحة، وتختلف مواضع رؤية المنشفة في الحلم حسب الحالة المزاجية والاجتماعية للحالم، حيث يرى فقهاء الأحلام أن المنشفة في منام المتزوجة حمل قريب وفي منام العزباء زواج بأمر الله، وفي منام الرجل رزق ومكانة مرموقة (أضفت هذه المعلومة للفائدة).

وهناك للأسف الشديد بعض الناس أقرب ما يمكن أن تنعتهم أو تشبههم به المناشف، فهم فعلياً كالمنشفة البالية سواء أكانوا أفرادا أو جماعات، ومن السهل أن يتمسح بهم أي أحد فهم كالمناشف المعلقة في الحوش أو بجوار (التواليت) أعزكم الله التي يمكن لكل من هب ودب أن يتمسح بها ثم يرميها في الحاوية بعد أن تنتهي مصلحته منها، فكلمة توديهم وكلمة تجيبهم وليس لديهم مانع بأن يخونوا الله ويخونوا الوطن بأي ثمن ولأي سبب المهم إرضاء أرباب المال والمصالح والمعتقدات الفاسدة والمتآمرة ومن يدفع لهم أكثر.

وقد يخونوا على نطاق الأفراد الصديق والقريب والجار والزميل فليس لديهم مشكلة أن يظلوا مناشف مهترئة طول حياتهم. احذروا هؤلاء المناشف ولا تصدقوهم ولا تقرّبوهم لقلوبكم ولا بيوتكم ولا وطنكم، فهم مناشف، اسم على مسمى، ولن يندحروا وينهزموا إلا إذا نبذناهم من بيننا غير آسفين عليهم، فلا نتابعهم ولا نصدقهم ولا ننقل عنهم أو لهم، أو ستكون نهايتهم في قبضة العدل الذي لن يسمح لهم بتجاوز حقوق الآخرين ولا خطوط الوطن الحمراء، حتى وإن تضامنوا مع الإنس والجن من أمثالهم أو من يدفع لهم أكثر.

ولعل من السهل أن تعرفونهم بسيماهم (الودرة) حيث ترون (وجيههم) القبيحة وتسمعون أصواتهم الكئيبة في القنوات الفضائية ومواقع التواصل وفي الصحف وفي كل مكان من داخل الوطن وخارجه، وهم ينفثون سمومهم الزعاف ضد الدين والوطن والمجتمع، فاحذروهم قاتلهم الله أنى يؤفكون.

ونختم بقول الشاعر:

وكأنك تصدق ما يقولونه الناس

‏بتروح مثل المنشفة في يديهم